سمير عطا الله

 كتب مصطفى أمين في «أخبار اليوم» مرة، ماذا حدث لمجلة «الصياد»؟ أين ذهبت الابتسامات؟ أين المرح؟ أين الفرح؟ لماذا هذا الاندفاع على الهم والغم والعبوس والكرب؟ ولم يغضب سعيد فريحة من نقد صديقه وزميله و«رفيق روحه»، بل حمل المقال إلى اجتماع التحرير الأسبوعي ظهر السبت، وقرأه على المحررين متسائلاً: ماذا حدث لنا حقاً؟ لماذ تحوّل كل منا إلى فيلسوف وعالم حسابات؟ وقال: «حتى رسامنا خليل أشقر، كان إذا تناول وجبة من فخذ خروف، يمضي إلى رسم ضحكة كاريكاتورية عريضة. الآن يتناول خروفاً كاملاً ثم يرسم صورة كئيبة». ولم يستوعب خليل أشقر النكتة لأنه كان يفكر في الوجبة التالية.

الصحافي مثل ممثل المسرح، عليه أن يُضحك الجمهور مهما كانت معاناته الشخصية. أُبلغ نجيب الريحاني بوفاة أمه وهو خلف الستارة، فقرر أن يستمر في الأداء، وخرج إلى المسرح باكياً، فظن الحضور أن ذلك جزء من العرض، فانفجروا ضاحكين.
هل يصح أن تقدم للقارئ المسليات والطرائف عندما يكون الجو العام قاتماً ومتوتراً؟ أحياناً تكون قد أرسلت مقالتك إلى الطبع، ثم وقع حدث قومي، أو وطني جلل، فكيف ستبدو مقالتك التي موضوعها «مدرسة المشاغبين»؟
قبل أيام أرسلت إلى إدارة التحرير زاوية رويت فيها أنني كنت أشتري هدية من الشوكولا، فشاهدت في المحل صديقاً من أيام الشباب شغل لسنوات منصب النائب العام في البلد. ثم دخلت سيدة من أجمل ما وقعت عليها عين، في القضاء أو القدر. وقلت لها مازحاً، هل تعرفين هذا الرجل؟ قبل عامين فقط، كان في إمكانه أن يرسلنا، أنت وأنا، إلى السجن، وبما أنه صديقي كنت سأتوسله أن يجعل الحكم مؤبداً! وضحك الزبائن والموظفون في المحل، إلا زوجة الصديق العزيز، فقد رمقتني بنظرة تأديبية، رغم معرفتها أنها مجرد دعابة من النوع الذي يطلقه المتقاعدون في لحظة التحسر على ما سماه الأخطل الصغير:
«الهوى والشباب والأمل المنشود».
يا ستي لا هوى ولا شباب ولا أمل منشود أو غير منشود. وإنما بارقة برقت كبارق ثغرها المتبسم... وإطلال بأطلال كأطلال خولة ببرقة ثهمد!
على أي حال سحبت المقال ذلك النهار لأرسل بدلاً عنه كلمة عن استقالة الرئيس العزيز سعد الحريري لكي لا أبدو مغرداً في محل الحلويات والبلد في مرارة. يبقى شيء واحد وهو أن اسم المحل هو «صرار الصيف»، وجميعكم تعرفون حكايته.