أحمد الفراج

 سأعود بكم إلى تلك الأيام الخوالي، عندما كان المهرج فيصل القاسم يصرخ، مفتعلاً معارك سخيفة على القناة الاستخباراتية الشهيرة، وحينها كانت العاطفة العربية جيَّاشة، تجاه هذه القناة الوليدة، لأن أسلوب طرحها كان جديداً، وبالتالي كان المواطن العربي يغفل، أو يتغافل عن السم الذي تدّسه بطريقة احترافية، ولا يركّز على تناقضاتها، ففي الوقت الذي كانت فيه قناة الجزيرة هي المتعهد الرسمي لخطابات تنظيم القاعدة وزعمائها، وعلى رأسهم ابن لادن، والتي لم يكن أحد يتساءل عن الوسيط النافذ، الذي يوصلها إليها حصرياً دون غيرها، كانت ذات القناة تستضيف قيادات إسرائيل السياسية، كأول قناة عربية وإسلامية تفعل ذلك!

عودتي للحديث عن ملف أشهر قناة استخباراتية، سببه الكشف عن وثائق تخص الهالك ابن لادن، وهي الوثائق التي أغلقت عليها إدارة باراك أوباما في خزائنها، ولم يكشف عنها إلا الآن، بعد سنوات من مقتله في مخدعه بباكستان! كما أنها الوثائق، التي بيّنت بوضوح، العلاقة الوثيقة بين «القاعدة وتنظيم الإخوان ونظام الحمدين وقناته الاستخباراتية»، وهي علاقة قديمة، تتمحور حول الإرهاب ودعم التنظيمات الإرهابية، وجدير بالذكر أن علاقة ابن لادن بتنظيم الإخوان قديمة، واعترف بها شخصياً، وأشاد بمعلمه عبدالله عزام، الذي نسي أن بلده محتل، وذهب يجاهد في أقصى بلاد الأرض! كما أكدت الوثائق ما كنا نقول ونكتب دوماً، من أن تنظيم الإخوان هو الحضن الذي ولدت وتربّت فيه القاعدة وداعش!

ابن لادن، الذي أكدّت الوثائق التي كشف عنها مؤخراً، دعمه لتنظيم الإخوان وقطر وقناة الجزيرة، أشاد بيوسف القرضاوي، وذكر أن الثورات العربية فرصة ذهبية لنشر فكر القاعدة، ولعلنا رأينا ما حصل بسوريا، ونشوء تنظيم داعش، كتأكيد على تحقق رغبة ابن لادن، كما أشارت الوثائق إلى أن ابن لادن يطمح بسقوط المملكة، وهو السقوط الذي سيتبعه سقوط كل دول الخليج، حسب زعمه، ولعلنا هنا نربط بين رغبة ابن لادن هذه، وبين ما قام به نظام الحمدين من محاولات لإسقاط بعض أنظمة الحكم الخليجية، ما يؤكّد الحلف الثلاثي الوثيق، بين القاعدة ونظام الحمدين وتنظيم الإخوان، وهنا نتساءل، بعد كشف هذه الوثائق: هل سيفهم الغرب، وتحديداً أمريكا، خطورة تنظيم الإخوان وصلته بالإرهاب، وبالتالي تصنيفه تنظيماً إرهابياً، أم سيواصل سياسته الناعمة تجاهه، رغم كل الدلائل التي تشير إلى أنه هو أصل الإرهاب ومنبعه؟! ننتظر ونرى!