محمود النوبي

يشهد العالم توترا متصاعدا من أسبابه الإساءة للأديان وعدم احترام التنوع الثقافى للشعوب، كما أننا نرى ازدواجية فى المعالجات الغربية للحوادث الإرهابية فالحادثة التى يكون فاعلها مسلماً على الفور يكون إرهابياً, والإدانة توجه للإسلام والمسلمين أما الحادثة التى يكون الفاعل فيها غربياً فدون تفكير هو مختل عقلياً ولا علاقة بديانته المسيحية أو أى دين آخر بجريمته

من جهة أخرى تشهد المملكة العربية السعودية تحولا مهما فى مجال ترسيخ الاسلام الوسطى المعتدل.. «الأهرام» طرحت هذه الأسئلة وغيرها على الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجرى المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة « إيسيسكو» للتعرف على دور المنظمة فى التعامل مع هذه الأزمات .. وفيما يلى نص الحوار :

تعقدون فى منتصف هذا الشهر فى الخرطوم المؤتمر الاسلامى العاشر لوزراء الثقافة. ماهى أهم الموضوعات التى سيناقشها المؤتمر؟

يعقد المؤتمر الإسلامى لوزراء الثقافة دورته العاشرة فى الخرطوم، خلال الفترة من 21 إلى 23 من شهر نوفمبر الجاري. وقد اختير لهذه الدورة شعار (نحو تنمية ثقافية مستدامة لمدن المستقبل فى العالم الإسلامي). وسيناقـش المؤتمر أربعة مشاريع رئيسَـة، هي (مشروع الصيغـة المعدلة للاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي)، و(مشروع وثيقة المبادئ التوجيهية بشأن الثقافة والمدينة)، و(مشروع دراسة توجيهية حول المؤشرات الثقافية للتنمية)، و(مشروع الإعلان الإسلامى حول حماية التراث الثقافى فى العالم الإسلامي). وسيتابع المؤتمر تنفيذ الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي، إلى جانب مناقشة بنود إضافية فى جدول الأعمال، مثل مشروع تعديل النظام الداخلى للمجلس الاستشارى المكلف بمتابعة تنفيذ الاستـراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي، وانتخاب لجنة التـراث فى العالم الإسلامي.

تولى «الايسيسكو» عناية لموضوع التطرف كيف يتم توظيف البرامج التربوية والثقافية فى هذا المجال؟

يدخل ضمن اختصاصات الايسيسكو ، نشر ثقافة العدل والسلام، وتصحيح الصورة النمطية عن الإسلام والمسلمين، وتعزيز قيم الاعتدال والوسطية. وفى هذا الإطار تندرج الجهود التى تبذلها المنظمة لمواجهة التطرف العنيف والغـلو والتشدد من خلال البرامج التعليمية والمشروعات الثقافية البانية للشخصية السوية المتوازنة.

شاركت الايسيسكو فى تنظيم ورشة اعداد للاعلاميين للتعامل المهنى مع الاحداث الارهابية .هل ممكن توضيح اهداف ومنجزات الايسيسكو فى هذا الجانب؟

تعنى المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة -إيسيسكو- بتصحيح المعلومات الخاطئة عن الإسلام والحضارة الإسلامية فى الإعلام الدولي. وقد أولت عناية فائقة لمعالجة ظاهرة الإسلاموفوبيا والصور النمطية عن الإسلام والمسلمين فى وسائل الإعلام الغربية

وتعمل الإيسيسكو فى هذا المجال وفق مقاربتين متكاملتين، الأولى تتمثل فى التركيز على تطوير الخبرات والمهارات المهنية والتقنية للصحفيين العاملين فى المؤسسات الإعلامية داخل العالم الإسلامى وخارجه، وتمكينهم من الدفاع عن مصالحهم وخصوصياتهم الثقافية ورسالتهم الإعلامية فى إطار القوانين والاتفاقيات الدولية المرتبطة بحرية الرأى والتعبير وعدم ازدراء الأديان، والثانية تتمثل فى تنفيذ الأنشطة الهادفة إلى التوعية بضرورة إحداث التوازن بين حرية التعبير واحترام المقدسات الدينية.

تشهد المملكة العربية السعودية تحولا مهما فى مجال ترسيخ الاسلام الوسطى المعتدل. ما رأيكم فى ذلك وكيف يمكن للايسيسكو أن تسهم فى تحقيق هذا المشروع؟

للمملكة العربية السعودية حضور قوى وفاعل فى العالم الإسلامي، وفى مجموع دول العالم. فهى خادمة للحرمين الشريفين، وداعمة للثقافة الإسلامية الصحيحة،ولذلك فإن ما تشهده المملكة اليوم من تحوّل مهم فى مجال ترسيخ الإسلام الوسطى المعتدل، هو ردٌّ للأمور إلى نصابها، مما يعـدّ عملاً إسلامياً صالحاً، يخدم المجتمع، ويبعده عن الفتن والأباطيل، وينجيه من الإغراق فى الغلو الذى يَـتَـنَـافَى وسماحة الإسلام.

قطعتم شوطاً مهماً فى رصد صور تشويه الإسلام فى المناهج التعليمية بالغرب إلى أين وصلتم فى هذا الملف؟

تعمل الإيسيسكو فى مجال تصحيح المناهج التعليمية للمسلمين خارج العالم الإسلامي، من خلال (المجلس الأعلى للتربية والثقافة للمسلمين خارج العالم الإسلامي) الذى يعمل فى إطار الإيسيسكو، وعبر (المراكز الإسلامية والجمعيات الثقافية للمسلمين خارج العالم الإسلامي) التى تعقد اجتماعاتها السنوية بانتظام بدعوة من الإيسيسكو وتحت إشرافها.

أنجزت الإيسيسكو مشروع كتابة اللغات الأفريقية بالخط القرآنى ما هى النتائج التى تحققت فى هذا الشأن ؟

بالفعل أَنجزت الإيسيسكو مشروع إعادة كتابة اللغات الأفريقية بالحرف القرآني، وبلغ عدد اللغات التى شملها هذا المشروع خمساً وثلاثين لغة. وتجرى حالياً الدراسات الميدانية لتنفيذ هذا المشروع فى منطقة آسيا الوسطى، بالتعاون مع البنك الإسلامى للتنمية، ليشمل اللغات الآسيوية الوطنية للشعوب المسلمة فى تلك المنطقة.

نرى ازدواجية فى المعالجات الغربية للحوادث الإرهابية فالحادثة التى يكون فاعلها مسلماً على الفور يكون إرهابياً أما الحادثة التى يكون الفاعل فيها غربياً فدون تفكير هو مختل عقلياً هل للأيسيسكو أى دور فى كشف هذا الظلم؟

الإرهاب ظاهرة عابرة للقارات، وإنْ كان المجتمع الدولى لم يتوافق حتى الآن على تحديد مفهومه الجنائي. وكثيراً ما تتورط فى ارتكاب جرائم الإرهاب جماعات متطرفة ترفع شعارات إسلامية مموهة، مما يجعل الأنظار تتجه نحو المسلمين للوهلة الأولى عندما تقع عملية إرهابية، فيوجه الاتهام اعتباطاً إلى المسلمين. وهذا من أثـر تصاعد تيارات الكراهية والعداء للإسلام فى بعض وسائل الإعلام الغربية ولدى بعض من دوائر القرار الغربية. ولذلك فإن الإيسيسكو تبادر إلى إصدار بيانات تنـدد بالإرهاب وبمرتكبى جرائمه كلما رأت ذلك مناسباً، وتحرص على تأكيد براءة الإسلام من الإرهاب بكل أشكاله.

يتعرض التراث الفلسطينى والمؤسسات التعليمية الفلسطينية للعدوان الدائم من قبل الاحتلال الإسرائيلى فما هو الدور الذى تقوم به الإيسيسكو دفاعا عن هذا التراث ؟

تُـعنَـى الإيسيسكو عناية خاصة، بالحفاظ على الهوية العربية الإسلامية للتراث الفلسطينى وحمايته، وتقديم الخدمات التربوية والثقافية لدعم المؤسسات التعليمية والثقافية فى القـدس بخاصة، وفى الأراضى الفلسطينية المحتلة بعامة. ولها فى هـذا المجال أنشطة مهمة تنفذها بالتنسيق مع اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم التى يوجد مقرها فى رام الله.

أنجزت الإيسيسكو عدة مشاريع للتقريب بين المذاهب لماذا لا يتم إحياؤها؟

وضعت الإيسيسكو (استراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية) التى اعتمدها مؤتمر القمة الإسلامى المنعقـد فى بوتراجايا بماليزيا عام 2003، فى إطار الجهود التى تبذلها للحفاظ على الوحدة الثقافية والحضارية للعالم الإسلامي، وللتغلب على أسباب التفرقة ودواعى العداوة وحوافز الكراهية بين الأمة الإسلامية الواحدة. ولكن العالم الإسلامى لم يعـر اهتماماً لهذه الاستراتيجية، فلا تزال الطائفية تنتشر فى أجزاء من البلدان الإسلامية، خصوصاً فى منطقة الشرق الأوسط، وتشكّـل تهـديداً مباشراً للاستـقرار وللأمن والسلام الدوليين.

كيف ترون التعاون مع الأزهر فى مجال الحوار بين الأديان بخاصة بين الجانب الإسلامى والفاتيكان.؟

للإيسيسكو والأزهر الشريف تعاون فى مجالات ثـقافية وعلمية تـدخل ضمن الاهتمامات المشتركة. فقد سبق أن عقدنا من قبل ندوات علمية كانت لها أصداء واسعة. ونحن نشارك فى المؤتمرات الإسلامية التى يعقدها الأزهر الشريف. وتربطنى شخصياً علاقـة ودّ وتـقـدير متبادل مع فضيلة الإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب، ونـتجاوب فى المواقف التى يتخذها فضيلته إزاء بعض الأحداث التى تقع فى العالم الإسلامى ونقدر جهوده فى خدمة العلم والثقافة الإسلامية وتعزيز قيم الأخوة بين المسلمين ونشر قيم السلام والتسامح والتعايش بين الشعوب. وهناك ترتيب جارٍ لتوقيع اتفاقية تعاون بين الإيسيسكو والأزهر الشريف قريباً، بإذن الله.