أحمد الطاهري 

حلقة جديدة من الصراع الدولي, ألقت بظلالها على الإقليم العربى بشكل خاص والشرق الأوسط بصفة عامة .. ألسنة من اللهب تلوح فى الأفق لبركان إقليمى يستدعى أكبر قدر من الحكمة والقدرة على ضبط منظومة الأمن الإقليمى العربى التى استعادت قدرا كبيرا من هيبتها بعد استعادة مصر قدراتها الاستراتيجية وتأثيرها بعيد تغيير واقع الشرق بثورة 30 يونيو وانطلاق افق مصرى طموح خلال عهد الرئيس السيسى يستهدف اصلاح الخلل الاستراتيجى فى المنطقة والذى يعانى اضطرابات وخللا جسيما من جراء خروج وحدات إقليمية رئيسية من المعادلة بشكل او بآخر خاصة سوريا والعراق وليبيا.

ولكن .. مع تسارع وتيرة الأحداث واحتدام الموقف لاسيما فى منطقة المشرق العربى وفى القلب منه « لبنان « الذى يستعد ليكون ميدانا لمعركة طويلة داخلية وخارجية كل الاحتمالات فيه مفتوحة .. سواء معارك مباشرة أو بالوكالة، تصفية حسابات واغتيالات واردة الحدوث، الملخص ان الصدام السعودى الإيرانى ومن خلفه حرب إقليمية كبرى بأطراف مختلفة باتت واردة الحدوث بقوة .

ويصبح الآن من المنطقى التدبر فى الموقف المصرى جراء المشهد الإقليمى الراهن ومحاولة استشراف العناصر الحاكمة لسياستنا الخارجية فى هذه المرحلة الدقيقة .. وهو أمر لايتسم بالصعوبة لأى مراقب أو مدقق فى المنهج المصرى الدولى إذ تتسم السياسة الخارجية المصرية بقدر كبير من الوضوح والمصداقية وفى تقديرى أن مصر تنظر إلى لبنان وفق أطر محددة وهى الحفاظ على توازنه الداخلى أولا حتى لاينفجر الموقف طائفيا بشكل من الصعب تداركه فى بلد لاتتجاوز مساحته 10 آلاف و 400 كم ومع ذلك يحتضن اكثر من 14 طائفة وهو التوازن المستقر فى اتفاق الطائف الذى تم التوصل اليه بعد حرب أهلية لبنانية بالغة القسوة، أما الإطار الثانى هو دعم الدولة الوطنية اللبنانية وجيشها الوطنى وهو الكيان الشرعى الوحيد الذى يتحمل عبء حماية هذه الدولة وليس ميليشيات هنا او هناك، تكثيف الجهود لنزع فتيل الحرب او على أقل تقدير المبادرة بالحرب وذلك لأن المنطقة لاتتحمل ضرب استقرارها بشكل اعمق من الذى تعيشه لأنها فى الواقع تعيش باستقرار هش .

دائما ما تؤكد القيادة المصرية ممثلة فى الرئيس عبد الفتاح السيسى مبدأ راسخا وهو تشابك الامن القومى المصرى بأمن منطقة الخليج العربى فضلا عن الخصوصية البالغة التى تتسم بها العلاقات المصرية السعودية بشكل خاص وبالتالى فإن « الاعتداء المباشر « على اى من دول الخليج العربى والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص يشكل خطا احمر بالنسبة لمصر وهو امر لن تقف امامه القاهرة فى مشهد المتفرج لأن ذلك يعنى ضربا مباشرا لمصالحها الاستراتيجية ولعمقها الحيوى .. لأن الخليج يشكل من الناحية الجيواستراتيجية منطقة امن قومى مصرى صريح فضلا عن وجود ملايين من العمالة المصرية فى دوله المختلفة اضف الى ذلك ما يمثله من ثقل فى دعم المشروع المصرى الأصيل الذى انطلق مع ثورة يونيو وبالتالى من المستحيل أن تضحى مصر بجملة هذه المصالح وان تترك الخليج وحده فى مواجهة الاطماع الايرانية والتركية على نحو السواء .

المؤكد أيضا أن مصر تبنى حساباتها فى هذا الوضع الشائك وفق عمل مؤسسى حقيقى يستند على تقديرات سليمة للموقف وتحسب خطواتها جيدا بما يحافظ على أمنها وسلامتها قبل أى شيء وبالأخص قوة وصلابة وتماسك جبهتها الداخلية