«نرى فرصاً في التغيير الذي يواكب (بريكست) ومشاريع التنويع الاقتصادي الطموحة في مختلف الدول العربية»، هكذا دشنت أفنان الشعيبي الأمين العام والرئيس التنفيذي للغرفة التجارية العربية - البريطانية حفلاً بمرور أربعة عقود على تأسيس الغرفة، تخلّلته دعوات من سياسيين بارزين بتعزيز التبادل التجاري بين الجانبين.

واعتبرت الشعيبي أن الشراكة التجارية بين بريطانيا والدول العربية تدخل حقبةً جديدةً من الفرص التي ستُفتح عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والرؤى الطموحة التي أطلقتها كثير من الدول العربية أخيراً، والتي تهدف للتنويع الاقتصادي في كثير من المجالات.

واستشهدت الشعيبي بالأرقام الصادرة عن المكتب البريطاني للإحصاءات الوطنية، التي تشير إلى أن الصادرات البريطانية للأسواق العربية بلغت 18.7 مليار جنيه إسترليني عام 2016 (24 مليار دولار)، مُتجاوزة بذلك الصادرات للفترة ذاتها من الصين والهند والبرازيل مجتمعة التي بلغت 18.6 مليار جنيه إسترليني.

وشارك في الاحتفال الذي انعقد في العاصمة البريطانية لندن، مساء أول من أمس، عدد من السياسيين والمسؤولين المرموقين، كان أبرزهم الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، وعضو مجلس اللوردات البريطاني رئيسة غرفة التجارة العربية - البريطانية البارونة إليزابيث سيمونز، ووزير شؤون الشرق الأوسط في الحكومة البريطانية ألستر بيرت.

وفي خطابه، شدد الأمين العام للجامعة العربية على أهمية شعار الغرفة التجارية «الصداقة عبر التجارة»، وقال إنه لا يزال سارياً، اليوم، كما كان قبل أربعين سنة. كما تطرّق أبو الغيط في كلمته للأوضاع التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط وما تتطلبه المرحلة المقبلة من التعاون بين الدول العربية فيما بينها، ومع بقية دول العالم، من أجل تحقيق الاستقرار وتهيئة المناخ المناسب للتجارة والاستثمار.

ولفت أبو الغيط إلى أنه رغم المعوقات التي تواجه المنطقة، إلا أنها تمتلك عناصر تمثل محفزات لنمو اقتصادي قوي على غرار وصول الناتج المحلي الإجمالي العربي إلى نحو 3 تريليونات دولار، ووجود سوق واسعة يصل حجمها إلى 400 مليون نسمة، وقوة عمل تتخطى 130 مليون فرد، وامتلاك الدول العربية لـ55 في المائة من احتياطيات العالم من النفط، ووصول الاحتياطيات النقدية العربية إلى نحو 1.5 تريليون دولار، ووقوع المنطقة في قلب العالم جغرافياً، وامتلاكها لشركات طيران ونقل جوى عملاقة، وتمتع بعض دولها بمتوسط دخول فردية متقدم على مستوى العالم.

وأضاف أبو الغيط أنه رغم التغيير السياسي الكبير الذي تشهده المنطقة والتحديات الضخمة التي ترافقه، فإن الدول العربية تستعد عبر مشاريعها الاقتصادية لاستغلال الفرص الجديدة ومواجهة التحديات. وضرب أبو الغيط المثل بثلاثة مشاريع بارزة في المنطقة، هي مشروع تنمية منطقة قناة السويس في مصر، ومشروع «نيوم» الذي يقدّر بنصف تريليون دولار في السعودية، «واستراتيجية الذكاء الاصطناعي» في الإمارات.

من جانبه، أشاد الأمين العام لدول مجلس التعاون عبد اللطيف بن راشد الزياني بالدور الفعال الذي تضطلع به غرفة التجارة العربية - البريطانية في تعزيز العلاقات التجارية بين المملكة المتحدة ودول المجلس على الخصوص.

واعتبر أن ارتفاع مستوى التبادل التجاري بين الجانبين من تسعة مليارات دولار أميركي في عام 2001، إلى 30 مليار دولار في عام 2015، «دليل من دلائل نجاحات الغرفة».

ولفت الزياني إلى حرص الجانبين البريطاني والخليجي على الارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية عبر الحوار الاستراتيجي، الذي بدأ في عام 2012، مشيراً إلى أن «خطة العمل المشترك الخليجي البريطاني التي أقرها الجانبان للفترة الممتدة من 2015 - 2018 تعتبر خريطة طريق للتعاون في جميع المجالات ذات الاهتمام المشترك».

من جهتها، سعت البارونة سيمونز، رئيسة غرفة التجارة العربية البريطانية، إلى طمأنة المستثمرين العرب تجاه جو الأعمال في بريطانيا بعد انطلاق عملية «بريكست»، مؤكدة أن «بريطانيا دولة تجارة، وأن التجارة جوهرية للحفاظ على الصداقة والاستقرار».

بدوره، اعتبر ألستر بيرت أن التحديات التي تواجهه اقتصادات الدول في القرن الحادي والعشرين تتطلب مزيداً من التعاون والانفتاح لتحقيق رغبات المواطنين والاستفادة من القدرات والفرص المتاحة.

وأشار إلى أن الفرص المتاحة في الوطن العربي عبر تنويع مصادر الدخل وتنشيط دور القطاع الخاص والتغيرات المنتظرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من شأنهما أن يدفعا بعجلة التعاون بين الجانبين لمستويات كبيرة خلال الفترة المقبلة.