مع إعلان الحكومة العراقية الانتصار على تنظيم داعش عسكرياً، بعد طرده من آخر معاقله في قضاء راوة بمحافظة الأنبار الأسبوع الماضي، تصاعدت وتيرة تصريحات رئيس الوزراء حيدر العبادي ومسؤولين آخرين عن التهيئة لمعركة أخرى لا تقل ضراوة، عنوانها مكافحة الفساد.

وقال رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، أمس، خلال اجتماع مع وجهاء عشيرته، إن «الحرب على الفساد مكملة للحرب على الإرهاب، ومجلس النواب ماضٍٍ في أخذ دوره الرقابي والتصدي للمفسدين وحفظ المال العام».

وتتداول مواقع عراقية هذه الأيام تقارير مختلفة عن «ضربة وشيكة» يعتزم العبادي توجيهها لمجموعة كبيرة بينها شخصيات سياسية رفيعة خلال أيام.
وكشفت مصادر مقربة من الملف عن تفكير الحكومة بإنشاء «محكمة خاصة لمكافحة الفساد». وتقول المصادر إن الفكرة تأتي «لضمان محاسبة الفاسدين، نظراً إلى أن التجارب السابقة أثبتت عدم قدرة الجهات القضائية الحالية على محاسبة الفاسدين لاعتبارات مختلفة».
وكانت جهات قضائية طالبت في وقت سابق بإنشاء محكمة خاصة لمكافحة الفساد على غرار المحكمة الخاصة لمحاكمة أركان نظام «البعث» السابق، واشترطت توافر الحصانة والحماية اللازمة لقضاتها لممارسة عملهم. لكن بعض الأوساط القضائية تستبعد إنشاء هذه المحاكم لوجود محكمة متخصصة في قضايا الفساد.
ورجّح الخبير الاقتصادي ماجد الصوري أن يحيل رئيس الوزراء ملفات فساد كبيرة متورط فيها ساسة وجهات سياسية متنفذة إلى القضاء خلال 3 أسابيع. وقال الصوري لـ«الشرق الأوسط»: «ينتظر الفاسدون ضربة قوية. أظن أن للأمر علاقة بمؤتمر المانحين المقرر في الكويت الشهر المقبل لطمأنة الدول المانحة والمستثمرة بأن الأموال التي ستنفقها لن تذهب إلى جيوب الفاسدين».
وأكد الصوري، وهو من الخبراء الماليين المقربين من تحركات مكافحة الفساد، وجود «جهود كبيرة» في الملف، مشيراً إلى «التعاقد مع خبراء ودول مختلفة في هذا الشأن، كما أن هناك تعاوناً مع الشرطة الدولية (إنتربول) لمساعدة العراق في كشف ملفات الفساد، لضمان حيادية التحقيقات وعدم تأثرها بالصراعات السياسية».
ورأى أن «غالبية المعلومات المتعلقة بعمليات تهريب العملة والفساد موجودة لدى الولايات المتحدة ودول أخرى، وبإمكان العراق الحصول عليها في أي وقت». وتوقع «اعتقال شخصيات سياسية كبيرة في غضون أسبوعين أو 3 أسابيع، وإيداعها في السجن، وهذه خطوة أولى في إطار مكافحة الفساد، يفترض أن تتبعها خطوات أخرى وصولاً إلى إيقاف عجلة الفساد أو الحد منها في أقل الاحتمالات».
وفي شأن متصل، أصدرت محكمة الجنايات في جانب الرصافة من بغداد المتخصصة بقضايا النزاهة، أمس، حكماً بالسجن لمدة 6 سنوات بحق محافظ ديالى السابق عمر الحميري على خلفية تهم فساد.
وقال الناطق باسم مجلس القضاء الأعلى القاضي عبد الستار بيرقدار إن «محكمة جنايات النزاهة أصدرت حكماً حضورياً بالسجن لمدة 6 سنوات بحق محافظ ديالى السابق». وأضاف أن «القرار جاء استناداً إلى أحكام المادة 340 من قانون العقوبات العراقي لإضرار المتهم بالمال العام عبر المغالاة في أسعار المواد المشتراة».
وكانت محكمة جنايات ديالى أصدرت في وقت سابق حكماً غيابياً بحق المحافظ الأسبق عامر سلمان المجمعي بعد إدانته بـ«إلحاق الضرر العمدي بأموال ومصالح الجهة التي يعمل فيها وإهدار المال العام».
وأعلن مجلس القضاء، أمس، إصدار حكم بالحبس البسيط لمدة سنة واحدة بحق مدير عام في وزارة الزراعة لإحالة مشاريع مخالفة لبنود العقود المبرمة. وقال بيرقدار إن «محكمة جنح الرصافة المتخصصة بقضايا النزاهة أصدرت حكمها بالحبس لمدة سنة ضد مدير عام في وزارة الزراعة على خلفية إحالته مشاريع القرى العصرية في محافظات النجف والقادسية وصلاح الدين إلى مقاولين ثانويين»، مضيفاً أن «هذا العمل يعد مخالفاً لبنود العقود المبرمة ومخالفاً لواجبات الوظيفة».