مها الشهري

رغم صغر سنهم وقلة خبرتهم؛ بدأ بعض مشاهير الإعلام الجديد مشوارهم قبل قرابة السنوات الست بناء على أساليب النقد الساخر الذي يستهدف في طبيعته شريحة كبيرة من المتابعين على اختلاف الميول وتفاوت طرق التفكير، فالملاحظ في تلك الأنشطة إنها كانت تركز على إشباع نوع من الاحتياجات الإنسانية إزاء نقص الخدمات أو تدني مستويات تقديمها، كذلك نقد الأيديولوجيا الثقافية وتشدد الخطاب الديني سعيا في التحرر من التخلف الاجتماعي.

البعض ممن عرفهم الناس في بداية مشوارهم على نمط شخصي محدد؛ اختلف اليوم جذريا عن النمط الأولي الذي كان أساسا لتجمهر الناس حوله، هذا لا يعني أنه أصبح مكروها ولكن الكثير ممن دخلوا في هذا المجال بعد حصولهم على حجم هائل من الشعبية والجماهيرية أصبحوا يؤدون أدوارا أكثر مسؤولية مما كان يصفه البعض بالسخافة، واستطاعوا أن يحافظوا على شعبيتهم وأن يزيدوا منها بالمحافظة على تقديم المحتوى الذكي والهادف.

في الحين الذي خضعت فيه وسائل الإعلام التقليدية لقواعد الإعلام الجديد وأساليبه؛ أصبح البعض من مشاهير الإعلام الجديد من أهم الأدوات والعوامل التي يمكن توجيهها للتأثير على الثقافة والفكر الاجتماعي، وقد تحول بعضهم من حالة الشخصية الساخرة إلى حالة تفرض عليه البحث عن أهمية الدور والعمل، بدأوا من قنوات اليوتيوب وأصبحوا يمتلكون برامجهم على القنوات التلفزيونية الأعلى مشاهدة على مستوى الوطن العربي، اختصروا مراحل إعداد طويلة للظهور الإعلامي لم يصل إليها أكثر الإعلاميين بسهولة، فقد استطاع الإعلام الجديد اكتساح السوق على المستويين الجماهيري والربحي، ما مكن مشاهير الإعلام الجديد من الحصول على مقاعدهم في الإعلام التقليدي حتى يحافظ على علاقته بالمجتمع، الأمر الذي يفسر حالة متغيرة خضع لها الأخير قائمة على تبني الأفكار الجديدة وفسح مجال من حرية الرأي والتعددية الفكرية التي حازت في نهاية المطاف على جزء كبير من ثقة واهتمام الجماهير.