علي سعد الموسى

مع الأخ العزيز، علي العلياني، وفي برنامج «معالي المواطن» ظهر إلينا المتحدث الرسمي باسم وزارة النقل هشا ركيكا يفتقد أبسط وأدنى لوازم المعلومة عن أهم شريان طرق حيوي في حياة الملايين في ثلاث مناطق جنوبية. كان واضحا أمام المشاهدين أن معلومات هذا المتحدث الرسمي عن عقبة «شعار» لا تختلف أبدا عن معلوماتي الخاصة بأحوال «ممر خيبر» الشهير على الحدود الباكستانية الأفغانية. ومن الواضح أيضا أن سعادة المتحدث الرسمي لم يقف أبدا على ما دعي للحديث عنه، وحين قلت هذا لمن حولي ونحن نشاهد الحلقة التلفزيونية، نبهني أحد الحاضرين أن صاحب المعالي نفسه ربما لم يسمع أبدا بحروف هذه العقبة الأربعة.


قد لا يعلم معالي الوزير، ولا متحدثه الرسمي، أن هذا الشريان التاريخي المهترئ والمنتهي الصلاحية تماما، هو مطلب ورأس وذروة سنام أي أولوية تنموية في حياة هؤلاء الملايين. هو قضية أمن وطني تفوق بمراحل أهمية بناء جامعة أو مدينة طبية. كل شيء في حياتنا اللوجستية لا مكان له إلينا إلا إذا عبرت منه. من هذا القلم الذي أكتبه به، إلى كل مقادير الكبسة المفروشة أمامي الآن وإلى كل حبة دواء. كل أمننا الغذائي والصحي وبكل الاختصار كل ما في منزلي من مفتاح الباب حتى جهاز المكيف فوق السطح. قد لا يعلم معاليه أن انهيار عمود واحد في هذه العقبة قد يترك هذه الملايين محتجزين فوق هذه الصخور، وقد لا يعلم أيضا أن فرقا هندسية متعاقبة قد أخلت مسؤوليتها عن أي شيء يحدث لها ومنذ خمس سنين خلت. الأدهى والأخطر، بل أم الطوام، أنني وبإحساسي الوطني لا أستطيع كتابة الجملة الأدهى والأخطر وسأتركها سرا قوميا إذا ما أراد المسؤول أن أبثها بالهمس والنجوى إليه. ومع هذا سأعترف لكم بأن تحميل وزارة النقل كل المسؤولية تضليل للحقيقة. الكارثة تكمن في وزارة المالية التي عششت وباضت ثم فرخت فيها كتائب البيروقراطية، فلا فرق لديها بين مشروع لردم المستنقع وصد السيل وبين أخطر شريان يربط القلب بالرأس. هؤلاء الثابتون في مكاتبهم لا يعرفون أولويات الخريطة ولا الشكل التشريحي في حياة وطن. نحن هنا أسرى لمثل هؤلاء بالتحديد. كنت أتمنى لو بقي في المساحة مكان لأشرح لهؤلاء معلومات تثقيفية عن «ممر خيبر» الشهير، لا لشيء إلا لخشيتي أن يكون «ضمن الميزانية» المعتمدة.