إسحاق يعقوب الشيخ

أتصفَّح شيئًا من فصوله بعناية دهشة مفرطة... وأقول بيني وبين نفسي سأعود الى قراءته لاحقًا من أوله الى آخره: ذالكم الإصدار الجديد الرائع لمركز الخليج للدراسات الاستراتيجية تحت عنوان «حمد بن عيسى آل خليفة والحكم الرشيد» الذي تناول فيه المجتمع البحريني بعناية موضوعية وحرفيّة نقدية أمينة في تسليط الأضواء على حراك المجتمع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني وذلك في تسعة فصول من الكتاب:


أولاً: السياسة الخارجية.
ثانياً: التطور الديمقراطي.
ثالثاً: الأمن الوطني
رابعاً: الاقتصاد الوطني
خامساً: التنمية البشرية.
سادساً: الإعلام وحرية الرأي والتعبير.
سابعاً: حقوق الإنسان.
ثامناً: المجتمع المدني.
تاسعاً: المرأة.
وأحسب أن جميع الظواهر الاجتماعية يأتي الوصول الى حقيقتها المادية والفكرية بشكل عام في موضوعية وذاتية جدلية تفكيكها أداء للوقوف على حقيقة ظروف الأزمة التي تنتابها (!) «ونحن هنا ما جاء في كتاب (مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية) لن نتعرض للأحداث التي مرت بها هذه الدول وأسبابها بقصد السرد والتاريخ، ولكن من زاوية تفرد وخصوصية التجربة البحرينية والمتمثلة في إدارة الملك للأزمة خلال الفترة من فبراير 2011 الى نهاية 2016 وإدراكه المبكر لكيفية التعامل مع أحداثها.
فقد كانت استجابة إصلاحية فريدة من نوعها تهدف للارتقاء على تماسك الدولة وحماية مكتسباتها، وعلى أمن الوطن والمواطن ومكتسباته، ما جعل من الضروري الإحاطة بتفاصيل تلك التجربة، كاشفين لجوانبها المتعددة بشيء من التدقيق، موضحين كيف تمكنت البحرين من تخطي الأزمة والخروج منها، وكيف استطاع عاهل البلاد تجاوزها بحكمة القائد، حيث كشفت الاحتجاجات ـ مهما تنوعت أسبابها الداخلية والخارجية ـ أن إدارة الأزمة وما يجب أن تتسم به من سرعة في الحركة وإنسانيّة في الابتكار في حلول بمحو أسبابها واحترام حقوق الإنسان هي ما يجب أن يعوّل عليه أي نظام رشيد ما أوجد حالة سياسية خليقة بالتركيز عليها ومناقشتها ومقارنتها بالإجراءات التي اتبعتها الدول المشار اليها وقياداتها لكشف ما بها من دروس للباحثين والأكاديميين والسياسيين ولطلبة العلوم السياسية والإنسانية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يستغنى عن تعلمها أيضا لكل من كتب عليه قيادة وطنه».
وكم تمنيت وأنا أتابع المرور على تفقد فصول الكتاب بحثًا عن (الثقافة) لأهمية تأهيرها في المجتمع والتي تشكل رافعة النهوض بالمجتمع إلا أني لم أجد شيئًا عنها (!) ومعلوم أن الثقافة البحرينية لها خواص إضاءاتها التنويرية الإنسانية في البحرين وخارج البحرين إلا أن عدم ذكرها أحسب أنه لا ينقص من أهمية الكتاب وروعة مصداقية تجلياته الإنسانية (!).
وفي سياقات الكتاب... استوقفتني عبارة «الحوار الإيجابي» وكنت أتساءل: أهناك حوار إيجابي وحوار سلبي (؟!) أم أن الحوار في حد ذاته (حرية) والحرية أيضا في حد ذاتها (حوار) ذلك ما يرتبط بتجليات العقل في الإنسان وعند الإنسان (!) كأن ما يضاف الى هوية الحوار: لغة «لاغطة» في الهروب عن حقيقة الحوار(!) وتبنى الكتاب موقفاً وطنياً عقلانياً متحررًا من شوائب مخلفات القرون الوسطى البائدة تجاه المرأة كونها تشكل نصف المجتمع وذلك بحمايتها من العنف والازدراء واعتماد المنامة عاصمة للمرأة «وقد رصدت الاستراتيجية للنهوض بالمرأة البحرينية وتحقيق مبدأ المساواة بين المرأة والرجل وقد تكفل بذلك قانون العمل».
ويبقى كتاب (مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية) في شأن أهميته الموضوعية واقع حقيقة تنويرية رافدة في المكتبة العربية، ولمن يريد أن يقف على حقيقة المجتمع البحريني نهوضاً آمناً على طريق الحرية والتقدم (!).