عبدالله بن بخيت

قبل عدة أيام شاهد المجتمع "فيديو" يظهر فيه رجل يحمل في يده ساطورا ويطارد طفلا، افترض الجميع أن هدف الرجل هو اختطاف الطفل وزادوا أن أهدافه جنسية، الله وحده يعلم ما الذي حدث بالضبط وما الذي كان سيحصل لو نجح المتهم في تحقيق غرضه، ألقت الشرطة القبض على الرجل وشركائه فالتفت الناس إلى أشغالهم ولعل كثيرا منهم نسي القضية في انتظار قضية أخرى، قبضت الشرطة على الرجل في وقت قياسي فانتقلت المسؤولية إلى النيابة وسوف تنتقل بعدها إلى القضاء.

إلقاء القبض على الرجل لا يعني أن القضية انتهت بل يعني أن القضية قد بدأت، نجا الطفل ولم ينجُ المجتمع بعد، قضية كهذه تطرح أسئلة كثيرة.

هل كان الرجل ينوي اختطاف الطفل حقا وما الهدف من اختطافه؟ ما هو الحي الذي جرت فيه تلك الحادثة؟ وهل لطبيعة سكانه ومستواهم الاقتصادي علاقة بما حدث؟ وهل يغلب على السكان جنسية معينة؟ وما هو موقف العدالة بعد ذلك؟ وكيف يستفيد المجتمع من هذه القصة؟ أسئلة كثيرة تدور في أذهان الناس تتطلب إجابة.

من يجيب عن هذه الأسئلة؟ الناس في حاجة ماسة إلى أجوبة لا من باب إشباع الفضول ولكن لأن قضية كهذه تهم كل أسرة. المجرمون يحومون هنا وهناك والأطفال يشكلون أكثر من نصف المجتمع. يتوقف عمل الشرطة عند إحضار المشبوه للعدالة، المسألة ليست فيلما بوليسيا يستمتع به الناس، المسألة أن تعرف كيف هو مجتمعك الذي تعيش فيه وكيف تسهم في حماية عائلتك.

لا يكفي أن تقوم الشرطة بإلقاء القبض على مرتكب المخالفة لتظن أن وضعك مريح ومطمئن. ثمة جرائم لم يتم تصويرها وجرائم أخرى -وخاصة الأخلاقية- يحاول أطرافها الإبقاء عليها مغلقة ومتكتمة، هذا التكتم مع الأسف تفرضه الحساسية الاجتماعية الأمر الذي يخدم المجرمين لا العادلة.

يسهم الإعلام بدور أساسي للحد من الجرائم، عمله متابعة الأحداث من بداية القبض حتى يصدر حكم القضاء في القضايا الكبرى، إعداد التقارير واستحضار جرائم سابقة، لقاءات مع المختصين، التغطية الإعلامية الشاملة للقضية يخدم المجتمع وكل أطراف القضية بما فيهم المتهم نفسه.

نحن اليوم أمام إعلام موازٍ ولكنه غير مسؤول وغير ومنضبط، كل إنسان يحمل كاميرا وبين يديه وسائل للنشر كيفما يريد، لكي نتفادى الفوضى في المعلومات والفوضى في توجيه المجتمع يفترض أن يقوم الإعلام الجاد بدوره، أن تُغير الصحف الورقية والقنوات الفضائية من نهجها التقليدي وتنزل الميدان الاجتماعي تتابع هذه القضايا إلى النهاية. الإعلام ليس فقط أن تعرف بل هو قوة من قوى العدالة.