سليمان العيدي

كان لقطر أن تكسب الموقف الخليجي لو أنها تراجعت ونفذت ما أقرته الدول الأربع، وتصافحت القلوب بدل أن تزداد مع مشهد لقاء الكويت الفرقة والتباعد

كانت قمة استثنائية، ولأول مرة يغيب عنها أربعة فرسان من زعماء الخليج عن قمة خليجية، كان لها أن تنجح لو نطق العقل والعقلاء في قطر، ولكن المكابرة جعلت الأوحد يحاور نفسه في قبة الكويت، وأمام رجل الحكمة الذي حاول جاهداً إقناع التنظيم الحمدي أن يعتذر ويعترف لأشقائهم الخليجيين بأخطائه التي مارسها خلال عقدين من الزمن دون حياء في سبيل أن تكبر الجزيرة الصغيرة من خلال محاور عدة، الإعلام والتمويل والحظوة والمشاهير والأكاديميات، وهذا ما برهنت عليه المطالب الثلاثة عشر التي أعلنت عنها الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، والتي حاولت مراراً ثني قطر وتنظيمها عن المضي في هذا الطريق الذي أوصل الخليج إلى هذه الحافة، لكن مشكلة قطر تظل كما قال سمو ولي العهد صغيرة جداً جداً جداً، ولهذا حمل أمير الكويت على مدى فترة البحث عن المصالحة عدة ملفات ورحلات مكوكية بين الدوحة والرياض والكويت، وآخرها زيارة الأخوين إلى أمير الكويت، علها تثمر، وكانت نقطة النهاية هي عقد قمة الكويت بغياب رجل الحكمة والحزم الملك سلمان بن عبدالعزيز وإخوانه في البحرين والإمارات ومسقط، إلا أن تميم أراد أن يحفظ ماء الوجه، ويثبت أنه مع المجلس، لكن هذا لا يبرر أخطاء قطر وتماديها ومضيها في دعم وتمويل الإخوان وعزمي وغيرهم، وإثارة النعرات في قناة الجزيرة، وبقية ما ورد في اتفاقية قصر الروضة عام 2014، والتي نكص عنها تنظيم الحمدين، اليوم المجلس ظل في قراراته ومواقفه الثابتة وعرضه لقضايا متفق عليها سلفاً، وهي مدار الحراك اليومي في المنطقة والعالم، كقضية فلسطين ولبنان واليمن ومكافحة الإرهاب والجزر الثلاث والدفاع عن مسلمي الروهينجا، وهي بلا شك قضايا مهمة جداً، لكن ما يجري في الخليج من تصرفات لا تقبل من الدوحة إطلاقاً، أدت إلى إيذاء الشعب القطري الشقيق، والنفور بين الأشقاء من أجل تصرفات حمقاء تقودها الدوحة بتوجيه من الحمدين، ولهذا خرجت القمة في دورة اعتيادية حافظت على سمت المكان والزمان والوقوف مع الكويت في تنفيذ انعقادها، لكن الدول الخليجية المتضررة من قطر التي تكابر بدعم من أذرعها إيران وعزمي و«الإخونجية» وغيرهم، والضحية أبناء قطر الشرفاء، الذين وصلهم إيذاء حكومة قطر. 
كان لقطر أن تكسب الموقف الخليجي لو أنها تراجعت ونفذت ما أقرته الدول الأربع، وتصافحت القلوب بدل أن تزداد مع مشهد لقاء الكويت الفرقة والتباعد، ولكن أعداء الأمة لا يريدون لقطر ولا لأهلها أن تخرج من محنتها، لأنهم هم المستفيدون من هذا التأزم، الذي نشاهده في أرض الواقع، وسيظل المراقبون يسألون دوماً: ما سر هذا التعنت؟ ولماذا النشاز والخروج عن منظومة أهل الخليج؟ هل هو الكبرياء والتعالي أو هو الاستغناء عن الأخ والصديق؟ 
كل هذا هو ما ثبت في الأشهر الماضية، وسيظل الحال على ذلك لأن مشكلة قطر صغيرة جداً في منظور الحزم والعزم التي أطلَقها محمد بن سلمان، لأن أمامنا أحداث متسارعة، وهناك حلف قطري التف حول إيران، وكأنه يقول إنها الجزيرة الأكبر في الخليج، ومع الزمن سيتضح خطأ البوصلة التي اختارتها قطر للمضي بشعبها نحو جادة ملتوية، ستكون عواقبها غير محمودة، ولهذا نكرر النداء دوماً إلى العقلاء في قطر، أين أنتم من هذا النظام الذي سيودي بكم وبأهلكم إلى طرق مظلمة إن استمرت الدوحة في هذا الاتجاه؟ حمى الله خليجنا من كل مكروه.