مها الشهري

أيا ما كانت الأفكار التي يبني عليها الجمهور رأيه العام ويزايد عليها فهي لا تخلو من ثقافة القطيع أي «التبعية»، وهذا ما يمكن ملاحظته عند قراءة بعض الهاشتاقات على تويتر وخاصة التي تصل إلى الترند، حيث إنها تفسر تلك الحالة العاطفية التي تسيطر على الجمهور الذي يلتقي فكريا عند نقطة ما، بينما تذوب استقلالية الرأي الفردي ويصبح مرفوضا مستنكرا إلى الدرجة التي يبدو فيها محتوى بعض الطرح منسوخا ومكررا لأكثر من مرة من قبل مستخدمين آخرين، في حالة من التماثل لردود الأفعال التي يتصف بها الجمهور في طبيعته الفطرية.

يصعب على الفرد المنساق ضمن جمهور أن يعبر تعبيرا مبنيا على كيفية ذاتية دون أن تبنى ردة فعله على غير المماثلة إزاء ردود الأفعال الأخرى التي ينساق لها وتؤثر بالتالي على رأيه وطريقة تعبيره متجاهلا ما ينبغي أن يفعله لتوكيد ذاتيته، هذا لا يعني أننا سنشجع على «الشطحات» غير المقبولة، فالأمر يتطلب الاتزان، ولكنه من الممكن أن يدخل أحدنا إلى هاشتاق ويفهم اتجاه جمهوره من الحالة العامة التي تطغى عليه، ما يعني وقوع الفرد تحت ضغط المؤثرات الاجتماعية التي تفرضها التبعية بشكلها الطبيعي في الواقع النفسي للجماهير، حتى وإن كان ذلك يحدث في مجتمع افتراضي.

هذا الرأي لا يعمم، إنما هي محاولة لإعادة النظر في طرق اختلافنا مع الآخر، فالكثير من الهاشتاقات بارتفاع خطها العصبي وسرعة انتشارها؛ يكثر فيها الجدل لسبب أنها لا تخلو من البذاءة والتعدي في حق الآخرين، فليس مهما أن نختلف ولكن المهم يكمن في مدى تمسكنا بالموضوعية والعقلانية والمقدرة على الاختلاف باحترام، يكمن في مدى ما تعكسه التعبيرات المسؤولة وليس الاحتكام لحالة انفعالية متسرعة توقع صاحبها في الخطأ.

إن سلوك الجماهير يعبر عن ثقافة المجتمعات التي ينتمون إليها وأخلاقياتها ومستوى تحضرها، وبالتالي فإن تعبيراتنا الظاهرة هي مرآة أنفسنا في نهاية المطاف.