حسن المصطفى

تتواصل جهود التعاون والتنسيق بين الرياض وأبو ظبي، وسط حروب وأزمات إقليمية عدة. فالدولتان الخليجيتان المستقرتان، تحيط بهما عدد من الأنظمة "الفاشلة"، والأخرى التي تحاول دون جدوى الخروج من دوامة الإرهاب والعنف، في مخاض عسير، خصوصاً مع استمرار الخطابات الأصولية والعنصرية والطائفية في تغذية الانشقاقات، والدفع بالأنظمة والمليشيات المسلحة نحو التصادم والاقتتال العبثي.

في الأسبوع الأول من ديسمبر الجاري، أصدر رئيس دولة الإمارات، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، قراراً بتشكيل لجنة للتعاون بين الإمارات والسعودية. والتي سيكون من مهامها "التعاون والتنسيق بين دولة الإمارات والمملكة في جميع المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية وغيرها من المجالات التي تقتضيها مصلحة البلدين". حيث "لديها جميع الصلاحيات اللازمة لتنفيذ أعمالها".

قبل ذلك، وفي مايو 2016، وقع البلدان في قصر السلام بمدينة جدة، "اتفاقية إنشاء مجلس تنسيقي".

هذا التعاون الوثيق بين المملكة والإمارات، يأتي بقرار سيادي ذاتي من الطرفين. دون أن يجعل أحدهما تابعاً للآخر، أو يعني التطابق التام في جميع وجهات النظر، وعدم وجود آراء خاصة لدى كل جانب، نابعة من تقدير المصلحة الوطنية لكل دولة. إنما هذه العلاقة تعكس إمكانية الدولتين تجاوز نقاط الاختلاف، وتحييدها، وتنظيم التباينات، بحيث لا تتحول إلى عراقيل تؤخر العمل المشترك الممكن والضروري في الملفات الملحة محل الاتفاق.

مواجهة الإرهاب والعنف والخطاب الطائفي، ودرء خطر الجماعات الإسلاموية المسيسة، التي تستخدم الدين لأهداف حزبية أقلوية. كما التمدد الإيراني في المنطقة، والمليشيات المسلحة.. كلها قضايا تحضر على طاولة النقاش السعودي – الإماراتي. وهي ملفات لا يمكن لدولة وحدها أن تواجهها بقوة وفعالية، وإنما تحتاج جهداً استخباراتياً وأمنياً واقتصادياً وثقافياً. أي مشروع متكامل يكون خلاصة تجربة عدة دول، لها رؤى متقاربة، وتتشارك في مصالح متقاربة، وأعداؤها ومهددات استقرارها هي ذاتها.

من القضايا التي تسعى أبوظبي والرياض للعمل عليها، حفظ أمن واستقرار منطقة الخليج من الاضطرابات. كون المنطقة العربية الأكثر هدوءاً وإمكانات مادية في الوقت الحاضر.

إن أي خلل بنيوي سيصيب دول الخليج، سيقود إلى الفوضى والاحتراب، ومواجهة إقليمية مع إيران، تحدث ثغرات تمكن جماعات مثل "القاعدة" و"داعش" من استغلالها، والقيام بعمليات تخريبية داخل دول الخليج، وهو الشر الأكبر الذي يجب التنبه له، ومنع وقوعه.

التحالف بين الإمارات والمملكة، يجب ألا يقلق أحداً من الجيران، لأنه يسعى لخلق شبكة أمان سيستفيد منها الجميع. وبمقدوره أن يشكل نواة حلف قوي وفاعل، يعوض حالة الجمود والخلافات التي تعصف بمجلس التعاون الخليجي.