عبده خال

رسخ في البال أن أي مشروع ناجح في القطاع الخاص يمكن أن يفشل إذا دخل في عباءة القطاع الحكومي.. وعلى القاعدة نفسها يمكن لأي شخصية ناجحة في القطاع الخاص أن تذوي وتتيبس إذ استعان بها أي مرفق حكومي.

هذا اليقين المترسخ في أذهاننا ليس بي حاجة لذكر أمثلة على تأكيده، فالأمثلة كثيرة وعديدة.

فلماذا يحدث هذا؟

وأنا هنا لا أبحث عن إجابة وإن كانت الحركة التصحيحية التي تشهدها البلاد في محاربة الفساد سوى تعدل الميزان قليلا، وتجعل مسطرة العقاب تأديبا للسير في الخط المستقيم.

ولأنني عملت جل حياتي في الصحافة وعرفت الكثير من أسرار الإعلام المخبأة في دهاليز الصمت، فأنا مشفق على كل إعلامي انتقل من القطاع الخاص إلى القطاع الحكومي، وقد يكون آخر من دخل إلى دائرة الشفقة في داخلي هو الصديق داود الشريان، هذا الاسم الذي قدم من المسرح وتنقل بين صفحات الجرائد كاتبا (مشاغبا) ورئيس تحرير موجها ومقدم برنامج من أفضل البرامج المرئية استقر به المقام رئيسا تنفيذيا لهيئة الإذاعة والتلفزيون (والتي لم تخرج تماما من عباءة القطاع الحكومي)، وكان المنصب الجديد هو المكان الحقيقي الذي سوف يظهر مقدرة داود على توجيه البوصلة والإبحار بوسيلتين إعلاميتين إلى أعماق النجاحات وليس الارتكاسات.. فداود الذي عرفناه من خلال برنامج الثامنة ممسكا بسوط النقد لكل مفسدة إدارية في القطاع الحكومي، كيف لذلك الوجه المتجهم إزاء كل مسؤول عطل قضايا الناس أن يبقى على تجهمه في سفينة غارقة مراسيها من زمن طويل، كيف يمكن للتجهم إيقاظ السبات؟

وهل يمكن للعقاب الإداري أن يحيي الموتى؟

والله إني مشفق عليك يا داود، فقد ألقي بك في الماء مكتوف اليدين لتختبر البيت الشعري الشهير:

ألقاه في البحر مكتوفا وقال له

إياك إياك أن تبتل بالماء

أنت غارق غارق، وهذه ليست نبوءة جازمة، وإنما تقرير حالة تم استنباطها من خلال كل التجارب التي رغبت في جذب سفينة مهلهلة لأن تبحر.

إن وضعك الإداري ليس كوضعك مذيعا، ففي الثانية أنت الذي تمسك بالسوط وفي الأولى أنت من يتلقى السياط.

ويا حظ من جلدتهم في برنامجك الشهير (الثامنة)، فحالات التشفي منك سوف تكون حاضرة على كل فم استضفته في برنامجك وتطالبه بإيجاد الحلول.

أمامك حالتان: يا تنجح يا تنجح غيرهما سوف تكون مادة دسمة للتشفي.