أسامة سرايا 

ودعت عام 2017 بمقالى «مصر الواثقة»، الاثنين الماضى، وأستقبل 2018 بـ «مصر المتجددة». حقا ستكون متجددة لا تخشى الإرهاب والتطرف، ولا الجوقة الإخوانية فى تركيا وقطر، والمستمرة فى إشاعة روح الاكتئاب من القادم، والذى تسوّده فى أذهانهم الشريرة، بقايا داعش، ثم هروبهم الكبير، من الرقة والموصل إلى صحراء سيناء والصحراء الغربية، وهم يحملون الأسلحة المهربة بصواريخها الروسية الحديثة من بقايا عصر ليبيا القذافي، إلى صحرائنا الشاسعة.

متجددة لأن جنودنا وضباطنا الشجعان يقاتلون ببسالة، وقلوبنا معهم، وأرواحنا وعقولنا مشغولة بهم، وتهفو إلى شهدائنا وتشد من أزر أبنائهم. لا ننساهم وسيعيشون فى قلوبنا ما حيينا، فهم فى أتون أصعب المعارك، وأشدها قسوة، يقتلعون من أجسادنا مرضا خبيثا سرطانيا قاتلا، عشش بثقافة دينية ضحلة، استطاع فى غفلة من الزمن، أن يسطو على ضعاف العقول والنفوس، فجعلهم يقتلون إخوتهم وشعبهم وأنفسهم، فأصبحوا أداة قتل فى أيدى كل كاره بغيض لمصريتنا، وقد جنّدهم أصحاب العقول الخبيثة والمجرمة، ثم قاموا بتوظيفهم فى صراع سياسى لا نبتغيه ولا نستحقه.. والآن، ونحن نبنى ونقيم أسسا جديدة، وبنية اقتصادية وسياسية قوية تتحمل الصراعات، ليأتى المجرمون والسفلة فيسطون عليها باسم السياسة، وشعارات الديمقراطية الزائفة، وتوظيفها فى غير المكان والأوان!

أراد الله أن تكون صورة مصر لا فى الطائرة التى اعتدى عليها المجرمون، أو فى السياحة التى اختفت، بل فى صورة قيادتنا السياسية، وهى تفتح شرايين الحياة والاقتصاد للمصريين، وهى تهتم بتعمير وربط 60 ألف كيلو متر مربع من أراضينا التى روتها دماء المصريين جيلا بعد جيل فى سيناء الغالية. انتهينا من الأنفاق التى أعادت ربط هذا الجزء الغالى بدلتا النيل، ومحافظات القناة، بالوجهين البحرى والقبلي، وبذلك سنعبر القناة فى 10دقائق إلى سيناء بلا خوف ولا إرهاب بعون الله، وبحشد الطاقات للجيش والشرطة لاقتلاع الإرهابيين الذين تصوروا، بعقولهم البغيضة، أن سيناء هى (تورا بورا) جديدة، أو هى مأوى بقاياهم المجرمة، وخلاياهم القاتلة.

سيناء ستكون نقطة الضوء، وبالروح الجديدة سنبنى فيها المدن الجديدة، ونعمرها، وسيسافر المصريون يوماً، ليل نهار، إلى كل سيناء شمالا وجنوبا ووسطا، لن يهدأ بال الناس إلا عندما يكون لكل مصرى فى القاهرة وبحري، والصعيد، بيت فى سيناء للعمل والسياحة.

وعلينا أن نقدم أوسمة ونياشين شعبية لجامعاتنا التى تنتقل إلى سيناء، وتماثيل لرجال الأعمال الذين ينقلون شركاتهم إليها، وندعو الإعلام، خاصا وعاما، أن يهتم بها، فقد ظهر لنا أن الطامعين بهذا الجزء الغالي، سواء كانوا أعداءنا أو إرهابيين، كثيرون، حتى من الشيشان، وليس من إسرائيل أو أمريكا وحدهما، كما أن العصابات الإجرامية المختلفة تتطلع إليها، وعلينا أن نقتلعهم من جذورهم، وإلى الأبد. واليوم بعد أن رأيت الجسور والأنفاق أدركت صعوبة أن يقترب أحد من سيناء، فاتحاد الشعب والجيش لا يهزمه أحد، ولا يقدر عليه أحد، وهذا ما تحقق مع نهاية 2017 لسيناء الغالية، أما الباقى فعلينا نحن الشعب، لنعمل ونشيد ونغير الخريطة، وهذه هى الوطنية الباقية فينا.

يتوقعون لنا فى 2018 أن تنشر بيننا القاعدة والدواعش، فهناك 50 ألف مقاتل منهم فروا من سوريا والعراق، وفى طريقهم إلى مصر وليبيا، ويمكن استخدامهم براياتهم الدينية، وبتشجيع إخوانى فج ومجرم، مستغلين ظروف مصر الداخلية باعتبارها مقبلة على استحقاقات انتخابية مختلفة، لإشاعة الفوضى والاضطراب! كما يتوقعون لنا أن يشهد عام 2018 حروباً إقليمية، بسب تأجيج جميع القضايا دفعة واحدة!

يقولون إن الفتنة السنية والشيعية على وشك الانفجار فى عام 2018، وأن مصر يجب أن تجد لها مكانا فى هذا الأمر، وبذلك يخططون لامتصاص أى نجاحات اقتصادية أو تنموية حققتها، ويراهنون على كوارث السياسة الإيرانية، من استغلال للحوثيين فى اليمن، إلى التدخل فى سوريا والعراق، حتى التأثير فى مستقبل الخليج. يجب أن ينتبه المصريون، فليس هناك أغلى من استقرار واستمرار نمو الوطن، وألا ينجرفوا إلى أى نوع من الصراعات، على أن تكون انتخاباتنا الرئاسية المقبلة فى مكانها وحجمها الطبيعي، بلا مزايدات، ثم البناء على ما يتحقق من نمو واستقرار وإصلاح اقتصادى كبير. هذه رسالتي. ورؤيتى لعام 2018 بأنه سيكون أفضل، وبرهانى هو ما تحقق من استمرار للنمو، رغم الصعوبات التى واجهت البلاد والقيادة السياسية، فقد تفجّر المجتمع والوطن فى بداية 2011 وحتى الآن..

المصريون، شعبا ودولة، مسئولون عن بلدهم أولا، وقوة واستقرار مصر فى مصلحة المنطقة العربية، والدليل هو ما حدث بعد قرار الرئيس الأمريكى ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس.. فقد أدارت الدولة المصرية معركة قاسية وصعبة، استطاعت من خلالها تفريغ القرار الأمريكى من مضمونه بحرفية وشجاعة، وتمكنت من محاصرته، عبر مساعدة الفلسطينيين على الوحدة، والتجمع لرفض القرار، وعبر مجلس الأمن الذى عبر أعضائه الـ 14 من أصل 15، بمن فيهم الأوروبيون، والصين وروسيا، برفض القرار الأمريكي.. وجاءت الصفعة الكبرى من الجمعية العامة بكل شجاعة، فلم يتردد أحد أمام التهديدات الأمريكية بقطع المساعدات عسكرية أو اقتصادية، لتعرية القرار أمام العالم، وكان لهذا التحرك المصرى البارز دور فى تحقيق أهدافه.

ولكننا، ونحن نودع هذا العام 2017 ، يجب أن نتذكره، ونفخر بكل مشروع أقيم، سواء كان مزارع سمكية أو استصلاح 1.5 مليون فدان، أو مدينة جديدة، أو عاصمة إدارية جديدة، أو نفقاً تحت القناة، أو دخولا لعصر الطاقة النووية، أو تحركا سياسياً مبهراً لوقف الحروب، وانزلاق المنطقة للفوضي، أو مواجهة للإرهاب، واستعلاءً عن الرد على جوقة الإرهابيين، وتجار الأديان والمتطرفين الذين يريدون أن يفقدونا الثقة فى الأمس واليوم والغد. تحية إلى كل يد تعمل، ولا تهتم بصغائر الأمور، وعينها على مستقبل الوطن.