السيد فراج 

عزَف الفنان المصري عبده داغر (80 سنة) عن دراسة العلوم في المدرسة الأزهرية ليعزف على آلة الكمان ويتعلم النوتة الموسيقية، ولم ينصع لتوجيهات والده وتحذيراته قبل نــحو 63 سنة بعدم الاقتراب من هذه الآلة التي تعرّف إليها من خلال والده الذي كانت هويته المفضلة العزف على الكمان، إذ كان يعمل مُدرّس موسيقى في المعهد الأزهري في مدينة طنطا بمحافظة الغربية (دلتا مصر).

ولد عبده داغر في مدينة طنطا عام 1963، وعشق الموسيقى منذ طفولته ونمَت موهبته سريعاً بفضل استماعه الدائم إلى عزف والده. لكن ما كان يفسد جلسات الاستماع إلى هذا الطفل الموهوب آنذاك، يذكره عبده داغر لـ «الحياة» قائلاً: «كان والدي يرفض أن أتعلق بالموسيقى وأتعلم العزف على الكمان، إذ كانت رغبته أن أكون معلماً أزهرياً حافظاً للقرآن الكريم، نظراً لما لهذه الوظيفة من مكانة تلقى تقديراً واحتراماً. غير أن شغفي بالموسيقى كان أكبر من رغبات والدي وإنصاتي إلى توجيهات والدي كان أضعف من إنصاتي إلى عزفه على الكمان».

يضيف داغر: «شعرت بالقهر بسبب رغبة والدي، وهو ما دفعني إلى الانقطاع عن الدراسة في المرحلة الابتدائية، وتمكنت من شراء عود من المحل الذي كان والدي يملكه من دون علمه، وبدأت التدرّب ذاتياً من خلال المخزون السماعي للدروس التي كان والدي يعلمها للتلاميذ. تمكنت بعد ذلك من نقل إقامتي إلى منزل جدتي، وهناك بدأت المشاركة مع فرق مغمورة ومطربين شعبيين وعوالم في العزف السمـــاعي ومـــن دون نــوتــة، وكنا نطوف المدن والمحافظات، وعند بلوغي السابعة عشرة ألّفت سماعياً وبدأت أكتب النوتة الموسيقية».

الإصرار على تحقيق الذات كان شعار عبده داغر الذي يقول: «في الأربعينات عزفت مع مشاهير منهم سيّد درويش وأم كلثوم التي أصبحت عازفاً في فرقتها. وكانت تلك الحقبة تشتهر باتباع المنهج الصوفي في الغناء والتأليف الموسيقي مع زكريا أحمد ومحمد القصبجي وسلامة حجازي وغيرهم».

خلال المسيرة الفنية الطويلة لعبده داغر، لُقِّب بين الموسيقيين في مصر بـ «الأستاذ»، ونال إشادات في صحف دولية تناولت أعماله الفنية في بلدان عدة، منها ألمانيا وفرنسا وإنكلترا وهولندا التي شارك في مهرجانات موسيقية أقيمت فيها، نظراً لما أمتلكه داغر من إبداعات في العزف على أوتار الكمان والعود وما قدّمه من مؤلفات ومناهج ما زالت تُدرَّس حتى اليوم في مصر وأوروبا وأميركا.

حصل داغر على العديد من الشهادات والجوائز التقديرية على مجمل أعماله التي ساهمت في الحفاظ على تراث الموسيقى العربية، أبرزها حصوله على الدبلوم الفخري في الموسيقى العربية عام 2005 من جامعة زيوريخ في سويسرا لقيامه بالتدريس في الجامعة للآلآت الوترية والنحاسية وآلات النفخ، وله مؤلف في الموسيقى العربية والصوفية صدر عن أكاديمية فرجينيا في الولايات المتحدة الأميركية.