عبدالله محمد الشيبة

عندما قامت دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر 1971 كان، وما زال، من ضمن أهدافها السامية إرساء الأسس القوية والراسخة للاتحاد، لكي يكون منارة للهدف الأشمل وهو الوحدة العربية، وذلك تأكيداً لمقولة المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الدولة، طيب الله ثراه:

«إن الوحدة العربية التي تعتبر دولة الإمارات نواتها ليست حلماً أو ضرباً من الخيال، بل واقع وقدر هذه الأمة يمكن تحقيقه إذا صدقت النوايا وتفاعلت الأماني والطموحات بالمساعي والعمل». وتأتي دعوة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي مؤخراً نحو تفعيل التعاون والتنسيق العربي في مجال علوم الفضاء، ترجمة فعلية ودعوة صريحة لكي تنهج الدول العربية نهج البناء والشراكة والوحدة في مجال كان حكراً على الدول المتقدمة حتى اتخاذ دولة الإمارات قرارها الاستراتيجي بدخول عصر الفضاء ووضع بصمتها في علومه ومجالاته بأيدٍ وطنية. وقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم دعوته بقوله إن: «العمل العربي المشترك هو حلم وسياسة ثابتة لدولة الإمارات، من أجل حماية المصالح العربية العليا، وإسعاد أبناء هذه الأمة، الذين يحلمون بمستقبل أفضل، وبواقع عربي يعيد إلى الأمة مكانتها الطبيعية، ودورها الإيجابي على الساحة الدولية‏».

وفي هذا الإطار ترى دولة الإمارات أن التعاون والتنسيق العربي المشترك في مجال علوم الفضاء سيؤدي بلا ريب إلى بناء شراكات عربية، والعمل بشكل جماعي لتحقيق المآرب والأهداف القومية التي طالما نشدها كل مواطن عربي من أجل التقدم واللحاق بركب الدول المتقدمة، وما يترتب على ذلك من تحقيق أعلى مراتب التنافسية العالمية. ‬والنهج ‬الأمثل ‬لتحقيق ‬هذه ‬الأهداف ‬العربية، ‬من ‬وجهة ‬نظر ‬الإمارات، ‬هو ‬التركيز ‬على ‬الشباب ‬العربي ‬وتسخير ‬عقوله ‬وخبراته ‬وتوجيه ‬طاقاته ‬ومجهوده ‬من ‬خلال ‬التفاهم ‬والتحاور ‬بهدف ‬النهوض ‬بقطاع ‬الفضاء ‬وعلومه ‬إلى ‬مستويات ‬متقدمة، ‬تبعث ‬في ‬نفس ‬أي ‬فرد ‬أو ‬مواطن ‬عربي ‬الأمل ‬والثقة ‬بمقدرات ‬العرب ‬وإمكاناتهم ‬وحضارتهم ‬العريقة.

فدولة الإمارات لديها قناعة راسخة بأن خطط التنمية في الوطن العربي لن تنجح إلا بإتاحة الفرصة أمام الشباب العربي للمشاركة في برامجها. ومن أهم تلك الخطط قطاع علوم الفضاء الذي يحتاج طاقات ومواهب وكفاءات الشباب العربي. ولعل من أبرز الأدلة على صحة هذه القناعة ما تقوم به دولة الإمارات منذ تأسيسها من تسليم شبابها راية المشاركة في مسيرة التنمية على مختلف الصعد العلمية والتعليمية والاقتصادية والسياحية. ويأتي قطاع علوم الفضاء على رأس أولويات دولة الإمارات إذ أصبح جزءاً من ثقافة وعلوم وتطلعات الدولة والتي تعمل على غرس مبادئه والشغف به في نفوس الأجيال الجديدة. ‬وتفخر ‬الإمارات ‬بأبنائها ‬مهندسي ‬الفضاء ‬الذين ‬يمثلون ‬القدوة ‬للأطفال ‬والنموذج ‬للشباب ‬العربي. ‬وقد ‬أطلقت ‬الإمارات ‬عدة ‬مبادرات ‬وبرامج ‬لنشر ‬الوعي ‬حول ‬حقول ‬علوم ‬الفضاء ‬وأهميتها ‬في ‬خطط ‬التنمية. ‬ومن ‬ضمن ‬تلك ‬البرامج «‬مستكشف ‬الفضاء»‬، ‬وهو ‬عبارة ‬عن ‬مرصد ‬وقبة ‬فلكية ‬تفاعلية ‬ومتنقلة ‬مجهزة ‬تجهيزاً ‬كاملاً ‬للتعرف ‬إلى ‬أسرار ‬الفضاء.

ما أطلقته دولة الإمارات مؤخراً من دعوة الدول العربية إلى التعاون والتنسيق في مجال علوم الفضاء يعكس الفهم الواعي بمنجزات الحضارة العربية الإسلامية والتي أنارت الطريق أمام العالم في العديد من العلوم الإنسانية والاجتماعية. وشخصياً أرى أن العرب أمامهم فرصة تاريخية لتنحية خلافاتهم على الأرض والانطلاق نحو التعاون لاستكشاف الفضاء طالما سيحقق ذلك التنمية لشعوبهم. والتساؤل المطروح هو هل تستجيب الدول العربية لتلك الدعوة؟ وأرى في حال موافقة الدول العربية على ذلك أن يتم إعلان دولة الإمارات مقراً لـ«وكالة علوم الفضاء العربية».