سطام الثقيل

يمكن أن ينفذ دعاة التحريض والإرهاب إلى داخل منزلك في غفلة من نفسك، ويمكن أن تتغلغل الأفكار الهدامة إلى نفوس أطفالك وأنت في وضع مطمئن ودون أن تخشى عليهم، وهؤلاء - أي دعاة الإرهاب والمحرضون والمُجنِّدون - لا يدخلون منزلك بأجسادهم كي تراهم وتقاومهم، بل بأفكارهم وحروفهم من خلال الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي.

في عام 1998م، ذكرت تقارير ودراسات دولية أن عدد المواقع الإلكترونية المتطرفة لا يتجاوز 12 موقعا فقط، ولكن ماذا عن عددها الآن؟ لا شك أنها بالآلاف ناهيك عن مئات الآلاف من الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي التي تغذي الإرهاب في نفوس الصغار، بل زاد الأمر إلى التجنيد وجمع الأموال لتحقيق أهدافهم الإرهابية التدميرية، التي لا تفرق بين رجل وامرأة أو طفل ومسن أو حتى بين مسلم وغيره من معتنقي الديانات الأخرى.

الشبكة العنكبوتية أصبحت في زمننا الحالي، المنفذ الأقدر والأنشط والمؤثر الذي يدخل من خلالها رؤوس الفتنة من أصحاب الفكر الضال إلى منازلنا وإلى نفوس أطفالنا، لتكتشف عزيزي أب الأسرة - لا سمح الله - وجود إرهابي في منزلك وأنت في غفلة.

تدار أغلب هذه المواقع والحسابات المتطرفة والإرهابية في مواقع من أشخاص مجهولين، ومن مصادر لا يمكن معرفة أماكن وجودها بسهولة، وتسعى إلى تحريض أبنائنا من صغار السن، وهم الحلقة الأضعف في مجتمعنا ضد بلدهم واستقرارها، ولا غاية لهم إلا تمزيقها من الداخل، والأدوات مع الأسف الشديد هم أبناؤها.

الحرب على الإرهاب في السعودية ليست مسؤولية رجال الأمن فقط، فرغم كل المنجزات التي تقدمها الأجهزة الأمنية والضربات الاستباقية التي تطالعنا بها بيانات وزارة الداخلية بين الفينة والأخرى، إلا أن الجهود يجب أن تتضافر، وأن يضطلع المواطن بمسؤولياته، ليكون عونا لرجال الأمن والجهات الأمنية، وأن يبدأ الآن وليس غدا في تحصين الوطن من المنزل أولا، بمراقبة الأطفال وتوعيتهم بالمخاطر التي تحيط بهم وهم يستخدمون الشبكة العنكبوتية ويتواصلون مع الآخرين من خلالها، فلو أن كل رب أسرة اهتم بأسرته وأبنائه، وحصَّنهم من الأفكار الهدامة التي يطلعون عليها في الإنترنت، لما استطالت رؤوس الفتنة والشر في تجنيد سعودي واحد.