غسان حجار

ما بين اعلان الرئيس ميشال عون عن سلاح المقاومة المكمل لعمل الجيش، وعجز الاخير عن مواجهة العدو بمفرده، ومشروعه للاستراتيجية الدفاعية الذي تقدم به الى طاولة الحوار الوطني في العام 2008، لم يتبدل شيء في المضمون، وانما في الموقع الذي يحتله عون ما بين رئيس لتكتل نيابي وتيار سياسي آنذاك، ورئيس للجمهورية حاليا. هذا الفارق يجعل وقع الكلام مختلفا، وطريقة تعامل المجتمع الدولي معه مختلفة ايضا، لانه يصدر عن رئيس البلاد شخصيا، ويتطلب منه حراكا مختلفا.

والعودة الى مشروع عون في العام 2008 ومبرراته، تؤكد انه لا يعارض المنطق، بل يتفق مع الحق في الدفاع عن النفس، ومع حق الشعوب في تقرير مصيرها، ومع نظرتنا الى منظمات المقاومة والمنظمات الثورية في العالم، شرط ان يلتزم عوامل الضبط فيه. وفي المشروع: "لا شك في ان اي قوة عسكرية في العالم لها نقاط ضعفها ونقاط قوتها ايضا، واسرائيل بنوعية اسلحتها وقوة نارها تتمتع بطاقة هائلة على التدمير(...) وضعفها يكمن في عديد قوى البر المحدود وإعداد هذه القوى، وبالتالي هي تعجز عن القتال في مجتمع مقاوم (...) ونقطة الضعف الاخرى هي التداعيات الكبرى في المجتمع الاسرائيلي امام الخسائر البشرية في الحرب. 

وبناء عليه، يقوم الردع على تكوين قوتين، الاولى من الجيش النظامي، والثانية من المقاومة، وتكونان قادرتين على تحميل العدو خسائر تفوق طاقته على تحمّلها، وذلك باعتماد اسلوب قتال بوحدات صغيرة تستطيع التخفي والاحتماء، ولا تشكل اهدافا مهمّة للطيران (...) وتتشكل قوى المقاومة من السكان، لذا يجب ان تغطي هذه القوى الاراضي اللبنانية كافة (...) ومن الطبيعي ان تحدد شروط الاهلية والقدرة على الانخراط في هاتين القوتين من لجان مختصة، لانها يجب ان تتحلى بمواصفات جسدية ومعنوية وانضباطية وتقنية (...)".

لكن المقاومة المذكورة في المشروع هي مقاومة السكان التي يجب ان تغطي كل الارض اللبنانية، ولها الحق الطبيعي في الدفاع عن النفس، ولا يأتي المشروع على ذكر "حزب الله" او "سرايا المقاومة"، علما ان الحزب احتكر تلك المقاومة لنفسه في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، عندما ضرب بيد الجيش السوري، وبطلب من ايران، جبهة المقاومة بشيوعييها وقومييها، لتحتل ايران موقعا متقدما في الصراع مع اسرائيل وتفرض نفسها لاعبا اقليميا اساسيا في المنطقة، وهي تستمر في اللعبة ذاتها في الحرب السورية. فاذا كانت للمقاومة الشعبية شروط الاهلية المحددة من لجان مختصة، فيعني ذلك حكما ان تخضع لمنطق الدولة، وتكون جيش احتياط يستدعى، او يتحرك تلقائيا، عند نشوب اي عدوان خارجي. ولا يمكن اعادة طرح الموضوع بجدية الا من شخص ثقة لدى الحزب وقوى الممانعة اسمه ميشال عون. فهل يقدم؟