عبدالمحسن يوسف جمال

بعد سنوات من استخدام القوة الخشنة في أكثر من موقع من عالمنا العربي، ها هو التحرّك السياسي الناعم يبدأ في العمل لرسم نهاية مقبولة لهذه الحروب التي لم تستطع تحقيق كامل أهدافها.
مجيء ترامب رئيساً ليقود السياسة الأميركية أعطى «نفسَاً جديداً» للأطراف المتصارعة، ما قد يساعد بعض الأطراف للتشدد السياسي لعل وعسى ذلك ينفع في المفاوضات المقبلة بين أطراف الصراع.
الاندفاع الذي جاء بالرئيس ترامب لقيادة السياسة الأميركية لن يستمر طويلاً، خصوصاً مع العقبات التي بدأت تواجه إدارة الرئيس، ووقوف الإعلام الأميركي مفاجأ من انتقادات الرئيس اللاذعة له واتهامه بأنه إعلام «مخادع» و«كاذب»، وهي أقسى صفات يتهم بها إعلام في العالم، فما بالك إذا صدر عن رئيس الدولة؟!
ولعل تردّد ترامب في تنفيذ تهديده بطرد أحد عشر مليوناً من المقيمين غير الشرعيين يضعف مصداقيته الداخلية، وكذلك أسلوب تعامله مع الاتحاد الأوروبي الذي أبدى رد فعل «متوجسّاً» من تصرّفات الرئيس الأميركي.
كل ذلك يجعل الاندفاع الأميركي لإشعال منطقة الشرق الأوسط بحروب جديدة أمراً غير ذي مصداقية، اللهم إلا توتير الأجواء لبيع أسلحة جديدة تحرِّك المصانع الأميركية، كما وعد ترامب ناخبيه.
في المقابل، نجد أن التحرك العربي هذه المرة يتصف بالتعقل والتشاور المكثّف بين الأطراف، بعد أن تيقن الجميع أن الدبلوماسية الذاتية وعدم الاعتماد الكامل على الآخرين هما الأمل الصائب في إيجاد الحلول المقبولة من كل الأطراف.
ولا شك في أن التحرّك السياسي هذه الأيام سيكون بديلاً للحروب التي لا طائل منها، والتي لن تقدّم حلولاً بقدر ما تؤدي إلى تعقيد الأمور، وتخريب الديار.