خالد الشعلان

إن كان الهلال عالميا وإن كان عثمان العمير نصراويا، فحتما سيعود عوض خميس للهلال، أقول بالاستحالة حيال عودته لأنه عاشق للنصر ابتداء وانتهاء، عشق النصر لديه عشق الهواة وعشق لاعب لعب على ملاعب ترابية تأصل فيه الانتماء لفارس نجد العالمي، كيف لا وهو الذي قيل فيه ما قيل من كونه احتياطيا وهاربا بل قيل خائن، قالوا ذلك عندما ارتضى بضعة أيام في خوض تجربة الاحتراف في الانتماء لا العشق فيه، وعندما عاد لعشقه فعلى من نعتوه بكل وصف أن يرفعوا رايات الاعتذار له، ويثبتوها وخزا في جبين أرض ملعب الأمير عبدالرحمن بن سعود يرحمه الله.

أطرق باب القانون الذي تعلمته ولا يمكن أدعه لعاطفة أو لهوى، فالقانون لا يعرف يد عوض التي وقعت عقدين، ولا يد النزهان التي أخرجت كرة من داخل مرمى، يعرف لائحة ومواد آمرة وزاجرة، خذوا مني ولكم حرية رمي ما أقول ولكن الحذار من رمي الشتائم، فعوض خميس وقع عقدا صحيحا مع الهلال ثم تركه عائدا لناديه، وهنا طالما رئيس ناديه كحيلان رحب به فعليه - وهو أهل لذلك - بتحمل تبعات هذا الترحيب، فعوض قام بمُخالفتين وهما (التحايل على قواعد الانتقال) المادة (49/‏‏1/‏‏2)، وكذلك (توقيع عقد احتراف لأكثر من ناد عن نفس الفترة) المادة (49/‏‏1/‏‏5)، وهاتان المخالفتان واضحتان ولا تستوجبان القفز لمفردة الضحك (تمديد)، وبالتالي فإن عوض مُعرض للعقوبة المنصوص عليها بالمادة (49/‏‏2) من لائحة الاحتراف، وهي في الفقرة (2) غرامة لا تزيد على ثلاثمائة ألف ريال، أو الفقرة (3) إيقاف لمدة لا تزيد على ستة أشهر مع صرف نسبة لا تتجاوز 50% من أجره الأساسي والتزامه بالتمارين، أو بكلتا العقوبتين معا وفق المادة (49/‏‏2/‏‏2) من القواعد التفسيرية للائحة المُشار إليها.

لا يمكن تصديق أن عوض وناديه النصر لم يعلما بتبعات التوقيع لعقد بعد رجوعه، فهما قد تقابلت إرادتهما بالرغبة في الارتباط العقدي، وارتضيا بتبعات ذلك، وقد يكون النادي حسبها في السليم من ناحية الغرامة والتكفل بدفعها، وكذلك بالنسبة للإيقاف، حيث إن المادة لم تُحدد هل الإيقاف في فترة توقف النشاط الرياضي من عدمه، فهذا الموسم على نهايته ومع فترة التوقف بعد انتهائه تتقلص المُدة، كما أن المادة لم تحدد هل الإيقاف بداية الموسم أو أثنائه أو عند انتهائه، وبالتالي فهو حتما يبدأ من صدور القرار، لذا فالنصر وجد كل هذه التبعات سهلة أمام عودة لاعب بحجم عوض خميس، وأمام رغبته وندمه على توقيع عقد للمُنافس.

أختم بأمور ثلاثة وهي: عدم اعترافي نهائيا بفكرة التحايل بالقول إن لاعبا (مدد ولم يُجدد)، فهي فكرة لا مضمون لها ولا تؤدي لنتيجة، فاللائحة واضحة جدا حيال أحقية اللاعب بالتوقيع لأي ناد بعد دخوله فترة الستة أشهر، وعند توقيعه بعد توقيعه الجديد يُعد هذا نكولا للعقد وتوقيع عقدين بفترة واحدة، الأمر الثاني وهو أن جميع عقود احتراف اللاعبين تُعد وفق الفقه القانوني في نظرية العقد عقودا غير لازمة، وعدم اللزوم هنا هو إمكانية إنهاء العقد بإرادة أحد طرفي العقد أو كليهما بإرادة مُنفردة، وهو ناتج عن وجود خيار لأحد المُتعاقدين أو كليهما بإنهاء العقد مثل (خيار الشرط) الذي يستطيع المُتعاقد إنهاء العقد بإرادته المنفردة.

الأمر الثالث بإمكاننا القول إنه في عالم العاطفة كان تصرف اللاعب عوض حكيما وصحيحا، وفي عالم القانون كان تصرفه وتصرف النصر صحيحين في حال معرفتهما معرفة تامة لتبعات التصرفات واستعدادهما التام لتنفيذ أي عقوبة، وهذا الأمر الثالث أجزم به فهو عالم المُحبين.

خاتمة:

لم ينته حديثي، وللحديث بقية.