إميل أمين

ضمن السيناريوهات الأولية والقرارات والإعلانات الأساسية التي ينحو إليها الرئيس الأميركي دونالد ترمب يأتي الحديث عن جماعة الإخوان المسلمين وكوادرها البشرية، وقواعدها المؤسساتية في الولايات المتحدة الأميركية.

السؤال المطروح الآن وبقوة في الداخل الأميركي ليس هل سيعلن ترمب الإخوان المسلمين مؤسسة أو منظمة إرهابية، بل متى سيفعلها؟

المراقب المحقق والمدقق للفكر «الترمبي» يدرك أن الأمر ربما يكون قريًبا جًدا، ذلك أن الجماعة تأتي في مقدمة الأهداف التي يرى ترمب أنها تمثل الإرهاب الأممي، والرجل مسكون بمحاربة «داعش» و«القاعدة» وكافة الجماعات الراديكالية التي خرجت من رحم الإخوان المسلمين.

الوجود الإخواني في الولايات المتحدة ليس وليد اليوم، بل يعود إلى أوائل الخمسينات، عندما التقى الرئيس الأميركي الراحل دوايت أيزنهاور في البيت الأبيض مع سعيد رمضان صهر مؤسس الجماعة حسن البنا في مصر.

على أن تلك مرحلة، وما جرى منذ العام 2011 وحتى رحيل باراك أوباما يظل مرحلة أخرى، مليئة بالغموض، وهناك ما يشاع عن اتفاقات سرية بينهم كانت تمهد للتنازل عن جزء من سيناء لأهل غزة، ومخططات تتصل بالحضور الراديكالي حول العالم، واستخدامه من جديد كأداة لتنفيذ الاستراتيجية الأميركية الجديدة للعام 2010 المعروفة بـ«الاستدارة نحو آسيا» بهدف حصار الصين وروسيا، والعمل على تفكيكهما، بواسطة جماعات الإرهاب الراديكالي.

تعالت الأصوات في الداخل الأميركي لا سيما من جهة اليمين ولا تزال مطالبة دونالد ترمب بإماطة اللثام عن الأسرار الخفية للعلاقة الأميركية – الإخوانية، وأغلب الظن أن حاكم البيت الأبيضقد بدأ في الاستماع إلى الجميع، لا سيما الوكالات الاستخباراتية المعنية، قبل أن يخرج إلى العلن مطالًبا الأميركيين كرأي عام بداية، ثم الجهات القضائية المسؤولة بالتحقيق في الذي جرى.

«هل يقترب إذن أوان إعلان جماعة الإخوان المسلمين داخل الولايات المتحدة جماعة إرهابية؟». في أوائل يناير (كانون الثاني) الماضي قدم السيناتور الجمهوري تيد كروز مشروع قرارين يطالب أحدهما بإدراج جماعة «الإخوان المسلمين» والآخر «الحرس الثوري» الإيراني، على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، وقد قدم كروز مشروع القرار الخاص بالإخوان المسلمين بالاشتراك مع زميله السيناتور مايو دياز بالارت من فلوريدا.

مشروع قرار تيد كروز، أصغر عضو في مجلس الشيوخ من ولاية تكساس (من مواليد ديسمبر/ كانون الأول 1970) ينادي بأنه قد حان الوقت لتسمية العدو باسمه، وأن الشروط متوافرة لإدراج وزارة الخارجية الأميركية جماعة الإخوان في قائمة المنظمات الإرهابية.

يذهب وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى أن القضاء على «داعش» سيسمح بزيادة الاهتمام بالتنظيمات الإرهابية الأخرى مثل «القاعدة» والإخوان وبعض العناصر التابعة لإيران، وعليه يقول قائل: هل سيعلن ترمب الإخوان منظمة إرهابية قبل القضاء على «داعش»، أم أنه يعتبر مواجهة «داعش» الأولوية الأكبر والأقرب، ومن بعدها ستموت الإخوان بالسكتة الدماغية تلقائًيا؟.

ربما يكون الجواب غير واضح بصورة دقيقة في الحال، فعلى سبيل المثال ذكرت شبكة «فوكس نيوز» الإخبارية الأميركية منذ بضعة أيام أن القارعة سوف تحل بالإخوان قريًبا، بمعنى تصنيفها جماعة راعية للإرهاب، الأمر الذي من شأنه الحد من نطاق التنظيم الدولي للجماعة، وقطع سبل التمويل عليه.

لكن ومن ناحية مقابلة نرى تحسًبا أميركًيا داخلًيا من العنف والإرهاب المتوقعين من الجماعة وأنصارها حال إعلانها إرهابية في أميركا، وبقية دول العالم، وأن المشهد ربما يشابه ما قام به أعضاء الجماعة والمنتسبون إليها، في مصر بعد 30 يونيو (حزيران) 2013، وقد كان دانيل بايبس مدير مؤسسة «منتدى الشرق الأوسط» المغرق في اتجاهاته اليمينية وراء هذا التحذير.

على أن هذا التحذير لا يخيف الذين يوسوسون في أذن ترمب والفعلة الحقيقيين اليوم في البيت الأبيض وفي المقدمة منهم الجنرال جيمس ماتيس وزير الدفاع والجنرال مايكل فلين مستشار الأمن القومي قبل تقديم استقالته، عطًفا على الجنرال مايكل كين وزير الأمن الداخلي وثلاثتهم تحدثوا طويلاً عن الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية.

ولا يمكن للمرء أن لا يتوقف أمام اسم ستيف بانون كبير استراتيجيي ترمب، وصاحب المقعد في اللجنة الأساسية لمجلس الأمن القومي، والمنتظر أن يبسط هيمنته وسيطرته على البيت الأبيض، وهو من غلاة اليمينيين الرافضين للوجود الإخواني على الأراضي الأميركية.

ما الذي يحتاجه الأمر ليجد ترمب معبًرا لإعلان الإخوان منظمة إرهابية؟ يتطلب تقنين مشروع قراري تيد كروز مصادقة مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين لينتقلا إلى رئيس البلاد من أجل إقرارهما، ويحظى مشروع قانوني كروز بـ(3) رعاة في مجلس الشيوخ وعشرين مناصًرا في مجلس النواب، من بينهم رئيس لجنة الأمن القومي في المجلس، النائب مايكل ماكول، الجمهوري عن ولاية تكساس، ما يعني أن القرار الصعب بل الأصعب في مسيرة الإخوان السياسية على الأراضي الأميركية ربما بات قريًبا،
وأقرب مما يتخيلون أو ينتظرون.