مرسى عطا الله

يخطيء‭ ‬من‭ ‬يظن‭ ‬أن‭ ‬التوجه‭ ‬العربي‭ ‬لمصر‭ ‬بكل‭ ‬التزاماته‭ ‬القومية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يهتز‭ ‬لحظة‭ ‬واحدة‭ ‬مهما‭ ‬تعاظمت‭ ‬إشارات‭ ‬الجحود‭ ‬ونكران‭ ‬الجميل‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬البعض‭ ‬وربما‭ ‬يتحتم‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬مجددا‭ ‬لأولئك‭ ‬الذين‭ ‬احترفوا‭ ‬مهنة‭ ‬التشكيك‭ ‬إن‭ ‬مصر‭ ‬لم‭ ‬تخلع‭ ‬أبدا‭ ‬رداءها‭ ‬العربي‭ ‬منذ‭ ‬عهد‭ ‬جمال‭ ‬عبد‭ ‬الناصر‭ ‬وإلي‭ ‬ولاية‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬السيسي‭ ‬حيث‭ ‬ظلت‭ ‬علامات‭ ‬الالتزام‭ ‬حتي‭ ‬بعد‭ ‬إبرام‭ ‬اتفاقية‭ ‬السلام‭ ‬عام‭ ‬1979‭ ‬وما‭ ‬تبعها‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬غضب‭ ‬وصلت‭ ‬إلي‭ ‬حد‭ ‬تجميد‭ ‬عضوية‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭.‬ 

والذين‭ ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬لقاء‭ ‬العقبة‭ ‬أو‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬الاتصالات‭ ‬المعلنة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬المعلنة‭ ‬لا‭ ‬يفهمون‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬لا‭ ‬تخفي‭ ‬شيئا‭ ‬ولكن‭ ‬طبيعة‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬والدبلوماسي‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تستوجب‭ ‬أحيانا‭ ‬إبقاء‭ ‬المداولات‭ ‬والمشاورات‭ ‬والمبادرات‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تنضج‭ ‬بعد‭ ‬في‭ ‬طي‭ ‬الكتمان‭ ‬خصوصا‭ ‬إذا‭ ‬كنا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬قضايا‭ ‬مصيرية‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬إن‭ ‬مسئولية‭ ‬عدم‭ ‬الإعلان‭ ‬لا‭ ‬يتحملها‭ ‬طرف‭ ‬بعينه‭ ‬وإنما‭ ‬تتحملها‭ ‬كل‭ ‬الأطراف‭ ‬المشاركة‭ ‬والتي‭ ‬التزمت‭ ‬بعدم‭ ‬البوح‭ ‬لتفادي‭ ‬المزايدات‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬أو‭ ‬هناك‭!‬ 

منذ‭ ‬عصر‭ ‬جمال‭ ‬عبد‭‬الناصر‭ ‬ومرورا‭ ‬بالسادات‭ ‬ومبارك‭ ‬ووصولا‭ ‬إلي‭ ‬السيسي‭ ‬الخط‭ ‬واضح‭ ‬والالتزام‭ ‬مستمر‭.. ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬بعض‭ ‬الأصوات‭ ‬المتشنجة‭ ‬قد‭ ‬أسلمت‭ ‬نفسها‭ ‬للهواجس‭ ‬وتضخيم‭ ‬الحديث‭ ‬عما‭ ‬قيل‭ ‬أنه‭ ‬اجتماع‭ ‬سري‭ ‬في‭ ‬العقبة‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬مرجعه‭ ــ ‬في‭ ‬اعتقادي‭ ــ‬ إلي‭ ‬استمرار‭ ‬وقوع‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬وهم‭ ‬خاطيء‭ ‬بأن‭ ‬دور‭ ‬مصر‭ ‬قد‭ ‬انكمش‭ ‬وتقلص‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬أفرزته‭ ‬سنوات‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬25‭ ‬يناير‭ ‬2011‭ ‬ من‭ ‬مراكز‭ ‬وأوضاع‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وعسكرية‭ ‬مرتبكة‭.‬ 

مصر‭ ‬وليس‭ ‬أحد‭ ‬غيرها‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تسعي‭ ‬بصدق‭ ‬وإخلاص‭ ‬حتي‭ ‬اليوم‭ ‬لتشجيع‭ ‬أشقائها‭ ‬علي‭ ‬سرعة‭ ‬بناء‭ ‬القدرة‭ ‬اللازمة‭ ‬لمجابهة‭ ‬تحديات‭ ‬الحاضر‭ ‬والمستقبل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬صياغة‭ ‬هيكل‭ ‬جديد‭ ‬لأمن‭ ‬قومي‭ ‬عربي‭ ‬يتوازي‭ ‬مع‭ ‬حجم‭ ‬المخاطر‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬التي‭ ‬دهمتنا‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭.‬