مأمون كيوان

هناك من يعتقد ويسلم دون براهين دامغة، بأن النفوذ المالي لليهود في العالم يشكل أخطبوطا وشبكة عنكبوتية، وأن أثرياء وأباطرة وحيتان المال اليهود هم أصحاب الكلمة الفصل في رسم السياسات الاقتصادية العالمية، ويصنعون الملوك والرؤساء ويمولون الحروب الكبرى الحديثة، وسبق لهم تمويل الحروب الكبرى القديمة، ونموذجها البارز الحروب الصليبية.


وللكشف عن درجة المغالاة في واقع نفوذ الأثرياء اليهود في العالم، لا بد من قراءة رقمية موضوعية لخريطة انتشارهم. فوفقاً لقائمة أثرياء العالم للعام 2015 التي نشرتها مجلة «فوربس» الشهيرة في تقريرها السنوي، وضمت أكثر من 1500 ثري من أصحاب المليارات، تبين أن 11% منهم من اليهود، بثروة إجمالية تجاوزت 812 مليار دولار، أي 167 ثريا من أصل ما يزيد عن 1500 ثري شملتهم القائمة.
وتبين أن الأثرياء اليهود يشكلون 18% من أكبر مئة ثري، ويحافظون على هذه النسبة في المئة الثانية من أثرياء العالم. وغالبية الأثرياء اليهود، والثروة الأكبر من دون مقارنة، نجدهما في الولايات المتحدة، التي تحتضن الغالبية الساحقة من الأثرياء اليهود، أي 106 أثرياء بثروة إجمالية تفوق 545 مليار دولار، وأكبرهم ثراء هو لاري أليسون، وبلغ حجم ثروته في العام 2015 حوالي 43 مليار دولار. وحلّ ثانيا في قائمة اليهود، وفي المرتبة 13 في قائمة «فوربس» العامة، مايكل بلومبيرغ، رئيس بلدية نيويورك السابق، من العام 2001 وحتى العام 2013، وحجم ثروته بلغ 27 مليار دولار، ومشاريعه الأكبر في الاستثمارات المالية. أما في المرتبة الثالثة بين اليهود، والـ 15 في القائمة العامة، فكان شلدون إدلسون، الذي بلغت ثروته 26.5 مليار دولار، وهو يميني عنصري متشدد، والصديق والممول الأكبر لبنيامين نتنياهو، ويصدر في إسرائيل صحيفة «يسرائيل هيوم» اليومية المجانية.
ومن الأسماء البارزة من بين الأثرياء الأميركان اليهود لاري فيغ وسيرجي برين، وهما مؤسسا وصاحبا شركة غوغل، ولكل منهما 23 مليار دولار بفارق أقل للثاني. وحلّ فيغ في المرتبة 20 في قائمة «فوربس» العامة، وزميله برين حلّ في المرتبة 21. ومثلهما مارك تسوكربيرغ، مؤسس وصاحب شبكة فيسبوك، الذي بلغت ثروته 13.3 مليار دولار، وحلّ في المرتبة 66 في قائمة «فوربس» العامة.
وشكلت روسيا الحاضنة الثانية للأثرياء اليهود من حيث حجم الثروة، ففيها 12 ثريا يهوديا، بلغ مجموع ثروتهم نحو 82 مليار دولار، وأكثرهم ثراء ميخائيل فريدمان، الذي بلغت ثروته هذا العام 16.5 مليارا، وأغلب مشاريعه في قطاع النفط، وأيضا في قطاع البنوك. ويليه فيكتور فاكلسبيرغ، الذي تجاوزت ثروته 15 مليار دولار بقليل، المختص أكثر بقطاع النفط..
وكان تقرير صدر في روسيا الاتحادية في نهاية العام 2014، تضمن قائمة أكبر 200 ثري روسي، وتبين أن منهم 48 ثريا من أبناء الديانة اليهودية، في حين أن مجموع ثرواتهم 133 مليار دولار، بعد أن جرى تصنيف الأثرياء إلى قوميات وأديان، إذ إن في القائمة حسب النشر 22 قومية ومن أديان مختلفة. واعتبرت جهات حقوقية أن هذا النشر الأول من نوعه فيه عمليا «تحريض على الأجانب» وأولئك من غير الروس المقيمين في روسيا، وقال عضو في اللجنة الاستشارية في مجال حقوق الإنسان، في مكتب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن هذا «نشر نازي» قد يؤدي إلى مشاكل.
أما إسرائيل فشكلت الحاضنة الثالثة من حيث عدد الأثرياء اليهود، فقد شملت قائمة «فوربس» العالمية 16 ثريا إسرائيليا يهوديا، من أصحاب مليار دولار وما فوق، وبلغ مجموع ثرواتهم 44 مليار دولار.
وبحسب «فوربس» فإن أكبر أثرياء إسرائيل هو عيدان عوفر، وقدرت ثروته بنحو 6.5 مليارات دولار، يليه شقيقه إيال عوفر بثروة بلغت 6 مليارات دولار.
وتبين وجود 6 أثرياء يهود في البرازيل، بثروة إجمالية 25.25 مليار دولار. وهناك عدد مماثل من الأثرياء في كندا بثروة إجمالية 13.3 مليار دولار. وفي بريطانيا خمسة أثرياء يهود بثروة إجمالية 34 مليار دولار. وهناك ثلاثة أثرياء يهود في كل من: أوكرانيا (7.9 مليارات دولار) وأستراليا (10 مليارات دولار) وإمارة موناكو (4.5 مليارات دولار) وفرنسا (27.4 مليار دولار).
كذلك في كندا ثريان يهوديان بثروة إجمالية تبلغ 3.5 مليارات دولار، وفي هونغ كونغ ثري يهودي واحد يدعى مايكل خضوري بـ 9.5 مليارات دولار، وفي ألمانيا ثري يهودي واحد وتقدر ثروته بـ 1.9 مليار دولار.
ومما لاشك فيه أن القطاعات الاقتصادية التي يمتلكها الأثرياء اليهود مهمة للبلاد التي يقيمون فيها، لكن مقابل الأثرياء اليهود الذين يشكلون 18% من أكبر مئة ثري في الولايات المتحدة الأميركية، هناك 82% من أثرياء الولايات المتحدة الأميركية، أي 82 ثرياً أميركياً ينتمون إلى ديانات قوميات غير يهودية، وينشطون في فروع اقتصادية لا تقل أهمية، بل ربما تفوق في أهميتها مجالات نشاط الأثرياء الأميركيين من اليهود.
وقد يبين وجود 16 ثريا يهوديا فقط في إسرائيل مقابل 106 أثرياء يهود في الولايات المتحدة الأميركية، أن العامل الديني لا يحدد هوية وتوجهات الثري اليهودي بل المنفعة الاقتصادية، ولو كان الأمر معكوساً فكان يفترض وجود غالبية الأثرياء اليهود في إسرائيل.