FINANCIAL TIMES

جيمس بوليتي

عندما تم انتخاب فيرجينيا راجي عمدة لروما في حزيران (يونيو) الماضي، أصبحت تلك المحامية التي تحظى بخبرة سياسية ضئيلة، رمزا للطموحات الوطنية الصاعدة لحركة النجوم الخمس "5 ستار"، أقوى الأحزاب الشعبوية في إيطاليا.


إذا كان بإمكان راجي، البالغة من العمر 38 عاما، أن تحكم بنجاح العاصمة المعتلة نيابة عن الحركة السياسية الناشئة، التي يقودها الممثل الكوميدي البدين بيبي جريلو، حينها ربما يشعر الشعب الإيطالي بارتياح أكبر عند اختيار "فايف ستار" لإدارة البلاد.
بعد مضي ثمانية أشهر، يبدو أن بروفة الرداء الروماني لهذه الحركة تتعرض للتخبط، فقد استقال كبار أعضاء الهيئة في إدارة راجي بعد خلافات مريرة. وقد تعرض كبار مساعديها لمشكلات قضائية، من بينهم الرئيس السابق لشؤون الموظفين، الذي يقبع الآن في السجن بسبب تهم بالفساد.
العمدة نفسها هي الآن قيد التحقيق بسبب استغلال منصبها، وكانت قد تعرضت لهجمات تعرِّض عنصرية على أساس أنها امرأة. وعلى الرغم من أن أهل روما معتادون على السياسة غير الفاعلة، يبدو أن صبرهم أخذ ينفد. من بين الذين انتخبوا راجي، قال 41 في المائة منهم في استطلاع للرأي أجري أخيراً، إنهم سيختارون الآن شخصا آخر إذا أتيح لهم المجال.
يقول ماتيا ديليتي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة لا سابينزا في روما: "روما تمر بأزمة عميقة، وقد صوت أهل روما لمصلحة راجي؛ لأنها كانت ضد المؤسسة، حتى إن لم تكن لديها أي رؤية واضحة للمدينة. الآن، هنالك ضغط هائل يمارَس على حركة الخمس نجوم وهم لا يمكنهم التعامل معه بشكل جيد".
هنالك آثار للمتاعب التي تتعرض لها راجي تتجاوز العاصمة كثيرا، فمن المقرر أن تُعقَد في إيطاليا، ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، انتخابات وطنية في غضون العام المقبل. 
ومن المتوقع أن تكون المبارزة الرئيسة ما بين حركة النجوم الخمس - التي تعهدت بالدعوة لإجراء استفتاء حول اليورو، وشككت في عضوية إيطاليا في حلف الناتو، وهللت لانتخاب دونالد ترمب رئيسا للولايات المتحدة - والحزب الديموقراطي الحاكم الرئيس بقيادة ماتيو رينزي، رئيس الوزراء السابق. وتحتل الحركة الآن مرتبة تأتي خلف الحزب الديموقراطي، مباشرة، في استطلاعات الرأي الوطنية.
تقول ميتشيلا دي بياس، زعيمة الحزب الديموقراطي في مجلس المدينة: "من الواضح أن قصة فيرجينيا راجي لا تتعلق بروما فحسب، بل بحملة الانتخابات الوطنية. تحتاج حركة النجوم الخمس إلى أن تواصل الصمود الآن، بالذات، لأنها إن فشلت في هذه اللحظة، فإنها ستكشف بشكل صارخ عدم قدرتها على الحكم، عشية الانتخابات المقبلة".
رفضت راجي إجراء مقابلة مع الصحيفة، لكن جريلو دافع عنها بكل قوة.
كتب جريلو للعمدة في رسالة مفتوحة نشرت عبر مدونته هذا الشهر: "تحتاج روما لهذه الحركة، وقد اختارتك لإجراء التغييرات التي اقترحناها. كنا نعلم أن ذلك لن يكون أمرا سهلا، وكان من المتوقع وجود رد فعل قوي. النظام، الممثل في نخبة المؤسسة، كله خائف منا".
كما أشاد جريلو أيضا بالنجاحات التي حققتها، بدءا من تمويل بقيمة 430 مليون يورو خاص بنظام النقل العام المتهالك، على مدى السنوات الثلاث المقبلة، وخفض بقيمة 1.6 في المائة في ضريبة النفايات المكروهة لدى الناس.
كما هاجم أيضا الصحف لوجود تحيز متصور ضد العمدة، فقد أشار عنوان صارخ على الصفحة الرئيسة في صحيفة "ليبيرو" الأسبوع الماضي، وهي صحيفة يومية محافظة، إليها على أنها: "حبة بطاطا ساخنة" في إشارة ضمنية إلى الصعوبة التي تواجهها ضمن الحركة في الظاهر، في حين أن المعنى الخفي باللغة العامية كان هو المقصد، أي الجهاز التناسلي للمرأة.
أدينت الإشارة الجنسية الموجهة لراجي على مستوى إيطاليا، لكن توالت الضربات واحدة تلو الأخرى. هذا الأسبوع، استقال باولو بيرديني، مسؤول التخطيط العمراني الأول في جهازها، بعد اتهامه راجي بالرضوخ لمصالح شركات إنشاءات في تطوير ملعب جديد لكرة القدم. في مقابلة كانت بمنزلة طعنة في الظهر أجريت مع صحيفة لا ستامبا، قال إنها: "غير مهيأة هيكليا" للمنصب، في إشارة عنصرية أخرى، توحي بأنها كذلك، لمجرد أنها امرأة.
مثل هذه التقييمات الدامغة منتشرة على نطاق واسع إلى حد ما. قبل ذلك، كانت راجي قد خسرت كبار مستشاريها في قضايا تتعلق بالموازنة وجمع القمامة. في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، اعتُقل رافاييلو مارا، رئيس شؤون الموظفين لديها، بسبب اتهامات بالفساد يعود تاريخها إلى عام 2013، عندما كان مكلفا بوزارة الإسكان في ظل الإدارة السابقة.
وقد اتضح بعد ذلك أنها كانت قد وقعت على كتاب توظيف ريناتو مارا، شقيق المتهم، ليتولى منصبا رفيع المستوى في مكتب السياحة في المدينة. ويجري ممثلو النائب العام تحقيقا مع راجي حول استغلال السلطة فيما يتعلق بذلك القرار، لكنها نفت ارتكابها أي مخالفات.
كما أن هنالك أيضا القضية الغريبة التي تتعلق بسالفاتوري روميو، كبير المستشارين السياسيين الأسبق لدى راجي، الذي اتضح أنه جعلها المستفيدة في ثلاث بوالص تأمين على الحياة. وقد أثار ذلك شائعات بوجود تبادل للمنافع، بل حتى وجود علاقة عاطفية نفاها كل منهما، لكن كان من الصعب إخراجها من الأذهان. 
الأمر الذي بقي أمام حركة النجوم الخمس هو الأمل بأن معظم الإيطاليين سيتوقفون عن الإنصات إلى الفوضى في روما، اعتقاداً منهم بأن من المستحيل حُكم العاصمة أصلا. فضلا عن ذلك، فإن الرسالة الرئيسة للحزب – مفادها أن السياسة التقليدية من اليمين واليسار، معاً، قد أخفقت في تحقيق المنافع الاقتصادية للإنسان الإيطالي العادي، في بلد يعاني نموا بطيئا ومعدلات بطالة عالية – هذه الرسالة لا تزال تلقى صدى لدى الناس. يقول مسؤول رفيع سابق في العاصمة: "من المعروف أن روما كارثة إدارية، وعناصر الحركة لا يزالون أقوياء للغاية، من الناحية السياسية". 
مع ذلك، فإن أي أمل يراود أجريلو بمقدوره الاستفادة من راجي، لتكون واجهة جذابة لإيطاليا في ظل حركة النجوم الخمس، تعرضت لضربة قوية. تقول دي بياسي: "مرت سبعة أشهر، وكل ما كنا نتحدث عنه هو الأخطاء والهفوات، التي ترتكبها تلك الإدارة".