سليمان العيدي 

لم تشهد أي قمة عربية منذ انطلاق أعمال القمم العربية في 28 مايو عام 1946 في قصر «أنشاص»، بحضور الملك فاروق في مصر الشقيقة، حركة واهتماما وجدول أعمال متنوعا، كالذي شهدته قمة عمان التي ترأس وفد المملكة فيها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وحضور إعلامي مميز.


وقد اتضح هذا من خلال الاجتماع الوزاري الذي سبق أعمال القمة وجدول أعمالها وكلمات الافتتاح التي أتيحت للقادة، وهذه القمة جاء في مقدمة اهتماماتها ورقة فلسطين كقضية عربية أَصيلة قامت الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج برفع شعارها والاهتمام بها حتى إن المباحثات الرسمية لزيارة الملك سلمان مع ملك الأردن كانت في مقدمة أعمالها، ثم توجت القمة بأن جَعلت أول بند على جدول الأعمال فيها هو الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، وتحييد دور الاحتلال الإسرائيلي ومناشدته، ورد ذلك في كلمة الرئيس أبومازن عندما أكد أن قضية فلسطين هي محور اجتماع القمة العربية، وأن السلام لن يتأتى إلا بتطبيق القرارات الدولية والمنظمات التي أكدت على حق الشعب الفلسطيني في استرداد حقوقه.
هذه القمة بجدول أعمالها تجعلني متفائلا كل التفاؤل من خلال الاستقراء الذي ساد أجواء القمة واللقاءات الأخوية التي حظتي بها أروقة المؤتمر. إن ما يربط الشعوب العربية اليوم هو رابطة العقيدة والدم الواحد واللغة الأم، وهو ما يؤكد ما ذهب إليه الإعلاميون بأن هذه القمة قمة التفاؤل وتحقيق المطالب التي رفعها المواطن العربي لزعمائه بعد غياب الجدية لسنوات الربيع العربي الذي انشغل فيه القادة للبحث عن مصير شعوبهم والحفاظ على وحدة بلدانهم، فجاءت هذه القمة اشتياقا لوحدة الهدف والمصير المشترك، وأيضا كان من بين تلك الموضوعات التي برزت هو اللقاء الحميم بين الملك سلمان ورئيس وزراء جمهورية العراق الذي سيكون فاتحة خير لعودة العراق للحضن العربي، بعد التمرد الصفوي فيها لسنوات ثمان، حتى أدرك العراقيون حاجتهم إلى إخوانهم في الوطن العربي، وخصوصا المملكة العربية.
ولعل هذه القمة أوجدت جوا من الألفة بين الزعماء العرب في عمان الحضارة، بحضور قادتهم الذين أثبتوا حضورا لم يحدث من قبل، شعورا منهم بأهمية القمة والاجتماع مع إخوانهم العرب في جو أخوي فُقد على فترات من الزمن. اليوم تعود القمة العربية بأجواء تفاؤلية فرَحَ بها الشارع العربي حتى شاهدنا اللقاءات الجانبية بين القادة، فهذا الرئيس المصري إلى جانب شقيقه الملك سلمان، والرئيس اللبناني إلى جوار إخوانه في المنظومة العربية، بعد تلاعب حزب الله في لبنان، ونجاح القيادة اللبنانية في جمع اللبنانيين مع أشقائهم في كل قطر عربي، لتكون هذه القمة ناجحة في منظور شعوبها التي فقدت الأمل في الاجتماعات المتكررة التي تخرجُ بتوصيات بعيدة عن واقع التطبيق.
لكننا اليوم ومن خلال هذا الجو الذي عاشه الإعلام العربي في قاعات المؤتمر وأجوائه يعكس أن هناك إصرارا على الخروج بمثل هذه النتائج الماثلة للعيان مع مرور هذه القمة على الوطن العربي والبحث فيما ينتظر المواطن بعد هذه القمة، لا شك أن سقف التفاؤل سيرتفع في أمور عدة، أهمها الحفاظ على وحدة التراب السوري، والبحث عن مخرج للشعب السوري الشقيق، وعودة العراق الأبي إلى المنظومة العربية وكونه يمثل ثقلا لا يستهان به، وتحجيم الدور الإيراني في المنطقة، والعمل معا على مكافحة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله، وبالطبع الحفاظ على قدسية الأراضي الفلسطينية، والالتزام بقرارات القمم السابقة التي تلزم العالم أجمع بالوقوف إلى جانب الشرعية وتطبيق قرارات الأمم المتحدة.
وأختم بملمح أيضا شعرت به وهو أن القمة عنيت بالأشقاء في اليمن والبحث عن مخرج عاجل يعيد لليمن أمنه واستقراره ونبذ الحوثية والقضاء على فئات التطرف وعصابة المخلوع وعودة الشرعية إلى اليمن العزيز.
بارك الله أعمالكم أيها الزعماء وأنجح مشاريعكم لتفرح شعوبكم ودمتم.