حين يكون الإصلاح وهماً..! (1 – 2) 

خالد أحمد الطراح

ما إنجازات الإصلاح الاقتصادي والمالي منذ أن قدمت الحكومة في مطلع 2016 ما يسمى بوثيقة الإصلاح إلى اليوم؟!


ماليا، الهدر في الإنفاق الحكومي مازال مستمرا، ولم تتغير ظروف الهدر، بل على العكس، فالهدر تحول إلى نزيف مالي تتحمله الخزانة العامة للدولة، على الرغم من أن البند الأول المتعلق بالمصروفات من وثيقة إنشائية وليست مهنية، تضمن عدة محاور من بينها «ترشيد الإنفاق الحكومي وتقنين المصروفات في عمل اللجان والمهمات الرسمية ووقف إنشاء أجهزة حكومية أو التوسع في هياكل الأجهزة الحالية وتقييد الأوامر التغييرية في المشاريع العامة»!
وفي رده على ذلك التناقض، ما جاء في تصريح صحافي في 28 / 2 / 2017 للأخ الفاضل ناصر الروضان، وزير المالية الأسبق رئيس اللجنة الاقتصادية في المجلس الأعلى للتخطيط، مطالبا الحكومة «بوقف الهدر، وأن تكون الحكومة القدوة في ضبط المصروفات وتلمس مواقع الهدر في الميزانية العامة»!
أعاد الروضان نفس بنود الوثيقة على شكل تحذير ومطالبة، وليس كما ورد في الوثيقة من إنشاء، علاوة على أن التحذير جاء بعد مرور عام تقريبا على وثيقة لم يتحقق منها إلا العكس!
وعلى حد تعبير وزير المالية في فبراير الماضي أثناء اجتماع اللجنة المالية في مجلس الأمة أن وثيقة الوهم «بنيت على أرقام ودراسات غير حقيقية»، وأن ذلك «سيتم تطويره»، وسرعان ما نفى معاليه ما ورد على لسانه!
التطوير عادة يعني التغيير والتعديل في المضمون، كما يعني تصحيح ما بني على خطأ، فحين شدد الأخ الروضان على ضرورة وقف الهدر يعد خير برهان أن الهدر مازال مستمرا حتى بعد ولادة الوثيقة، ما يؤكد أن الوثيقة يتيمة الأب والأم!
في ما يتعلق بالإيرادات، فقد تضمنت الوثيقة من بين بنودها ضرورة التسريع في تحصيل الدولة لمستحقاتها واتخاذ غرامات جزائية ضد المتأخرين في الدفع، وهذا البند إجرائي بحت، تأخرت فيه الحكومة سنوات ولا يحتاج إلى وثيقة حتى تعي السلطة الحكومية أن هناك مستحقات مالية لم يتم تحصيلها!
إلى جانب أن التخلف عن التحصيل تتحمله الأجهزة الحكومية المعنية ومن على رأسها، سواء في السابق أو اليوم، ما يقتضي المساءلة السياسية حتى تبرهن الحكومة على جدية قراراتها وتمسكها في الإصلاح!
وعن تضخم الجهاز الحكومي والآثار المالية المترتبة عليه، أود أن يستعرض وزير المالية عدد الأجهزة والمؤسسات والهيئات الحكومية التي أنشئت فقط منذ عامين، وكذلك ما يترتب عليها من آثار مالية لها، وكذلك على استحداث مناصب قيادية جديدة حملت درجات وزير ووكلاء مساعدين، إلى اليوم، والأسباب أيضا، في الوقت الذي كانت وثيقة الإصلاح تطبخ على نار هادئة جدا!
في 24 / 3 / 2017 نشرت القبس خبرا عن «استعداد الحكومة» ضمن رؤيتها الإصلاحية أثناء اجتماع لجنة الميزانيات، وبحضور رئيس الحكومة، على «خفض عدد مؤسسات الدولة من 110 إلى 90»، من دون تحديد المردود على خزينة الدولة وحجم الترشيد وسبب تضخم وتشابك الجهاز الحكومي أساسا!
ومثل هذا «الاستعداد» يأتي بعد مرور عام على إعلان وثيقة وهم الإصلاح الذي لم يشهد نتائجه المواطن إلا في قرار زيادة سعر الوقود في صيف 2016!
في الجزء الثاني، سيتم تسليط الضوء على جوانب اقتصادية وسياسية وإعلامية لتبيان حقيقة أن وثيقة الإصلاح.. وهم!