حمود أبو طالب

عندما أرادت أمريكا أن تقضي على حكم صدام حسين وتحتل العراق وتسرح جيشه وتدمر مؤسساته فعلت ذلك تحت طائلة تهمة رئيسية هي وجود أسلحة نووية وكيماوية لم تثبت أدلة مادية عليها حينذاك، واعترف لاحقاً كثير من المسؤولين الذين خططوا ونفذوا اجتياح العراق أنه لا وجود لتلك الأسلحة، أي أنها تهمة مختلقة وذريعة وهمية أصرت عليها أمريكا لإنهاء حكم صدام وإعدامه وتشكيل مستقبل العراق الجديد.

الآن في سورية نحن إزاء حقيقة وواقع وليست اتهامات، نظام بشار الأسد منذ بداية الثورة السورية وهو يقصف المواطنين عشوائيا بالبراميل المتفجرة التي تحتوي خلطات من أسلحة الدمار الفتاكة، توجها قبل يومين بقصف بلدة خان شيخون ببراميل السلاح الكيماوي التي قتلت ١٠٠ شخص بينهم ١١ طفلا وأصابت ٤٠٠ شخص، وبعد هذه الغارة الإجرامية امتلأت وسائل الإعلام العالمية بصور الضحايا وعبارات التنديد، ولكن ماذا فعل ما يسمى بالمجتمع الدولي، وزعيمة هذا المجتمع أمريكا؟

طوال فترة إدارة أوباما كانت تعطي الوقت لبشار لممارسة ما يشاء، وتناور بمواقفها المائعة المخزية تجاه كارثة إنسانية تأريخية، ما أتاح لروسيا القفز إلى صدارة المشهد لدعم حليفها بشار والمشاركة في جرائمه المتواصلة. وقبل أيام فاجأنا دونالد ترمب بأن بشار الأسد ليس أولوية في معالجة الأزمة السورية، وها هو بشار يعبر عن شعوره بالثقة في الاستمرار نتيجة موقف ترمب ويعطي إشارة على ما يمكن أن يفعله، حين قصف خان شيخون بكل وحشية ولؤم.

المجتمع الدولي يشجب ويتباكى على هذه المجزرة بدموع التماسيح، وكل ما فعله هو المطالبة بتحقيق أممي واجتماع لمجلس الأمن، ونتيجة ذلك لن تكون أكثر من القول لبشار: أبشر بطول سلامة يا مربع. هذا المجتمع الدولي الفاسد إذا أراد أن يفعل شيئاً فبإمكانه اختلاق ذرائع غير حقيقية، وإذا لم يرد فإنه لا يفعل حتى لو كانت الأدلة دامغة يراها كل البشر. إن المجتمع الدولي هو المسؤول الأول عن استمرار العذاب الذي يتجرعه الشعب السوري لأنه يقف متفرجا متخاذلا وخائنا لكل القيم الإنسانية.