سمير عطا الله

خلال الحرب العراقية الإيرانية، بدا أن العراق يميل إلى الانتصار. فبدأ الإيرانيون في تطبيق ما يسمى نظرية ماو تسي تونغ في القتال. أي إلحاق الهزيمة بالعدو من خلال انتصاره: ارمِ أمامه جبالاً من ضحاياه، فيهتز لهذا المشهد، وتهبط معنويات جنوده. كبِّر حجم ضحاياك، وليس العكس.
كان الصحافي والمؤلف الأميركي إدغار صنو، أقرب الصحافيين الغربيين إلى ماو، في ذروة النزاع والمقاطعة بين الصين والغرب. ويحسن بنا أن نعود قليلاً إلى مقابلات صنو مع الزعيم الصيني، لأسباب تاريخية كثيرة، لعل بينها ما يبدو تقليداً إيرانياً لفلسفة ماو.
يقول صنو للتشرمان ماو (1963) إن الصين تظهر عداء شديداً للغرب، وتشارك في الحروب ضده. صحيح، يجيب ماو. لكن ليس للصين أي قوات خارج حدودها، أي إنها تحارب، ولكن بقوات سواها. والمشابهات لا تنتهي طبعاً هنا.
يقول صنو للتشرمان، إن الصين تسمي أميركا «نمراً من ورق»، وتطلق عليها مدفعاً بعيداً في جزر كيموي. أيضاً صحيح، يقول ماو. ولكن بالنسبة للأمر الأول، فهو مجرد شكل من أشكال التعبير، ولست أعتبر «القنبلة» نمراً من ورق على الإطلاق. أما إطلاق المدافع بين حين وآخر، فكيف سوف ترد أميركا. «إنها لن ترسل الأسطول من سان فرنسيسكو لكي يخوض حرباً في كيموي».
لاحظ تحرشات البوارج والطائرات الإيرانية بالسفن الأميركية في الخليج. إن أميركا لن ترسل الأسطول من سان فرنسيسكو يخوض حرباً من أجل طائرة هليكوبتر؟
«فقط إذا هاجم الأميركيون الصين، سوف تذهب الصين إلى الحرب»، قال ماو، أما أن تذهب إليها من أجل فيتنام الشمالية، فإن هذا لن يحدث إطلاقاً. وتفسيره اليوم أن إيران لن تذهب إلى الحرب من أجل أحد، لأن هناك من يخوض عنها جميع حروبها، من سوريا إلى اليمن. هي، خاضت الحرب المباشرة مع العراق، لأن العراق نقل الحرب إلى داخل أراضيها. عدا ذلك، فليقاتل ويتقاتل الآخرون. هل هو مجرد توارد أفكار ونظريات، أم دراسة طويلة لنظريات ماو وسياساته؟
بدأ ماو حياته معلم مدرسة قبل أن يصبح أشهر رجل في تاريخ الصين. وعبر التجربة الطويلة، سوف يكتشف أن السياسة مرحليات، لا ثبوت لها. يقول لصديقه الأميركي أمرين؛ الأول: إن المصالحة مع واشنطن شديدة الاحتمال، لكنه لم يتوقعها بالسرعة التي حدثت العام 1972. والثاني: «إن حالة الإنسان على هذه الأرض تتغير بسرعة هائلة. وبعد ألف عام من الآن، فإن جميعهم سوف يبدون، على الأرجح، سخفاء، بمن فيهم ماركس وإنغلز ولينين».. . .