سمير عطا الله

أين يحتفي طارق علي بمئوية «القرن الأحمر» وانتصار فلاديمير لينين؟ في كبرى صحف أميركا، «نيويورك تايمز». كان الباكستاني البريطاني من أشهر وجوه اليسار العالمي القرن الماضي، ولا يزال إلى الآن في مجلس إدارة «مجلة اليسار الجديد»، ولا يزال يكتب ويحاضر ويحلم وكأن اليسار في بداياته.

وبصرف النظر عن رأيك السياسي، أو الفكري، في نشوء وسقوط اليسار، فإن طارق علي من أفضل مفكريه وأكثرهم جاذبية.
ولن يعترف طارق علي بأن لينين وصل إلى بطرسبرغ لإطاحة القيصر الروسي، على متن قطار خاص وضعه تحت تصرفه القيصر الألماني. من غير المفيد أن تناقش مفكري اليسار العالمي فيما أطلقوا هم عليه «الظروف الموضوعية»، لكن اليسار، مثل اليمين، كان محشواً بجميع الفئات: مرتقون وصُفاة مثل طارق علي، وأدعياء مثل الأكثرية الساحقة. لقد أعطي اليسار في الحقيقة أسماء فكرية متألقة خلال القرن الماضي، جان بول سارتر، وريجيس دوبريه والمؤرخ البريطاني إريك هوبسباوم، ولكن مشكلة الاشتراكية ظلت مع لينين نفسه. ففيما ظل فكر كارل ماركس قابلاً للنقاش والتطوير والتحديث باعتباره قاعدة متحركة، ظل فكر لينين وعنفه عبئاً على الشيوعية التي ظلت تهترئ إلى أن انتهت.
وكانت هذه مشكلة اليسار في العالم العربي أيضاً. القليل من العباقرة والمتقدمين وفرق طارئة من المهابيل المولودين تحت أبراج الحقد وفي بطون الخواء والسفه. والذي أسقط ألمعيات مثل محسن إبراهيم وكريم مروة وجورج حاوي وحسين مروة وفواز طرابلسي لم يكن اليمين المعادي، بل اليسار السخيف والمدعي، الذي يقرأ دليل الهاتف أكثر مما ينتمي إلى مستويات ريجيس لوبريه أو طارق علي.
والملاحظة على صمود طارق علي في خطه التاريخي ليس أنه لم يلاحظ بعد، خروج العصر من لينين، أو خروج لينين من العصر، وإنما في أن فلاديمير إيليتش لم يعد يخيف أعداءه ولا يجمع الأصدقاء من حوله. فريقان يعاملانه كأنه ذكرى غير متفق عليها: واشنطن، التي أخافتها أفكاره طوال عقود، وموسكو، التي أفشلتها أفكاره طوال العقود نفسها. تنشر المقالات حول إرث لينين في «البرافدا» وصحف أميركا وأوروبا، بالهدوء نفسه. المرحلة برمتها قد انطوت، حزناً هنا وتشفياً هناك، وثمة عالم بأكمله، في اليسار وفي اليمين، لم يعد يعرف شيئاً عن صاحب أشهر اسم في القرن الماضي. سوى أن طارق علي أسلوب جذاب وسيرة مثيرة ويجيد تقليم التاريخ من فظاعاته.. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[2]

اضغط هنا للطباعة.