ياسر الغسلان 

نتحدث كثيرا عن الدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في التغيير الاجتماعي والسياسي للدول، وذلك إما من خلال ما تقوم به جموع المستخدمين لهذه المنصات في التأثير على متخذ القرار بإعطائه انطباعا حول توجه الغالبية حيال موضوع ما،

أو من خلال قيام متخذ القرار ذاته باستخدام هذه المنصات من أجل تنظيم حملات جس النبض أو إعادة توجيه الرأي العام حول قرار تعزم الجهات المسيرة للبلاد المضي باتجاهه. ونختلف كثيرا حول توجهات المواطنين حيال الموضوعات الاجتماعية والسياسية التي تشكل الجو العام، حيث نجد غالبيتها يبنى على أساس الاصطفاف الفكري أو الثقافي دون أن يكون هناك تحليل علمي لهذه المواقف، وذلك لاعتبارات ليس هنا مجال لذكرها. شخصيا أحب الاعتماد على الأرقام في النظر إلى المواضيع، ولذلك سأورد اليوم بعضها في محاولة لفهم بعض هذه المواقف، اعتمادا على دراسة حديثة أجرتها جامعة نورثويسترن في قطر بعنوان (استخدام الإعلام في الشرق الأوسط 2016)، والتي شملت ست دول بما فيها المملكة. فـ 57 % من عينة البحث في السعودية يعتبرون أنفسهم محافظين في حين اعتبر 23 % أنفسهم تقدميين، كما أن معدل من يرى أن من الواجب العمل بشكل أكبر على الحفاظ على التقاليد انخفض من 86 % عام 2014 إلى 76 % عام 2016، مما يعني أن هذا المجتمع المحافظ بدأ يتحرر من الخوف الذي جبل عليه من فقدان هويته، وأصبح يرى أن تقاليده لا تستوجب أي مجهودات إضافية للحفاظ عليها. السؤال الذي دائما ما يتردد حول مدى الثقة التي يشعر بها المواطن حيال مسار الدولة تجيب عنه الدراسة من خلال أرقامها التي تقول إن 87 % من السعوديين يثقون بأن الدولة تسير في الاتجاه الصحيح، وبنمو في الثقة عن عام 2015، و الذي كان المعدل حينها 67 % فقط. في مسألة الرقابة على المحتوى فإن 43 % يعتقدون بأن ذلك يجب أن يكون مسؤولية الفرد عبر تجنب المحتوى المرفوض، بينما يرى 50 % أن ذلك يجب أن يكون دور الحكومة من خلال الحجب، على أن السعوديين لا يقلقلون بالمقابل حول مراقبة الحكومة لتحركاتهم على الإنترنت بقدر قلقهم من مراقبة شركات التقنية، فـ 53 % يقلقلون من مراقبة الشركات و43 % يقلقون من مراقبة الحكومة. بإمكاني أن أعطي هنا استنتاجي الشخصي لهذه الأرقام، ولكن من الأفضل أن أترككم لتقرروا أنتم ما تعنيه لكم هذه الأرقام، فربما وبمجرد التلميح لما أعتقده قد يؤثر ذلك سلبا أو إيجابا على خروجكم باستنتاجاتكم الشخصية، لذلك لن أفعل.