جيري ماهر

لا يمكن بعد كل هذه الأحداث إلا أن نكون متأكدين أن السعودية هي مملكة الخير التي تواجه مع العالم الحر جمهورية الشر الإيرانية، وهنا يكون الخيار لأصحاب العقول بالاختيار بين الخير والشر

تميزت المملكة العربية السعودية بعلاقات أكثر من إيجابية مع دول العالم، وقدمت لهم كل الدعم الاقتصادي والسياسي والأمني، وكانت خير سند لدول إفريقية وشرق آسيوية، وأسهمت بلجانها وفرقها الإنسانية بحفر الآبار وتوزيع الأدوية والغذاء على المحتاجين في عدد من الدول الفقيرة، وإعادة إعمار القرى وإنشاء المساجد والمدارس لتعليم الأطفال والقضاء على الجهل والتراجع العلمي ومحو الأمية ومنع الأفكار السوداء من التغلغل في المجتمعات الفقيرة كي لا تتحول إلى بيئة حاضنة للإرهاب.
كانت المملكة العربية السعودية سباقة في إعادة الاستقرار للعديد من الدول التي مزقتها الحروب الأهلية، فكانت دائماً ما تسعى لإنهاء أسباب الاقتتال، وأكثر من ذلك إعادة الإعمار بهدف محو ذكريات الحرب ومآسيها التي أدت إلى سقوط الآلاف وتهجير وتشريد الملايين من شعوب المنطقة، فكان للمملكة الفضل الأكبر بإعادة إعمار لبنان بعد الحرب الأهلية التي استمرت أكثر من 15 عاما وأسهمت بتثبيت الاستقرار عبر اتفاق الطائف الذي وضع دستوراً لبنانياً جمع القيادات والشعب، وأنهى حقبة سوداء من تاريخ لبنان. 
بفضل جهود المملكة العربية السعودية استقطب لبنان مئات آلاف السياح بشكل سنوي، توزعوا بين عاصمته وجبله وشواطئه ومنتجعاته، مما أسهم بوفرة اقتصادية، ساعدت على تأمين عشرات آلاف فرص العمل للبنانيين، هذا كله كان جزءا من منظومة عمل أسستها المملكة العربية السعودية لإعادة الحياة إلى لبنان، وإعادته إلى خارطة السياحة والاقتصاد العربية والعالمية. 
لو نظرنا إلى الجانب الآخر ففي عام 1979 وصل الخميني إلى طهران بطائرة فرنسية، وأعلن عن إطلاق جمهورية وصفها بالإسلامية، وكانت بوادر هذه الجمهورية نزاعات وقتل وتدمير وتسليح وشراء ولاءات هنا وهناك، فشكلت تنظيم حزب الله الإرهابي الذي أعلن عبر قياداته عن سعيه لإنشاء جمهورية في لبنان تتبع للولي الفقيه، وتطبق سياساته وأوامره ومخططاته، وتلتزم بقرارات السلم والحرب التي يعلنها هذا المرجع، ولم تتوقف إيران عند هذا الحد، بل استمرت بتسليح جماعات إرهابية وتأمين ملاذ آمن لتنظيمات إرهابية أخرى، وربط الدعم المالي والإنساني الذي تقدمه لبعض الدول بالسماح لها بنشر التشيّع وتعاليم وأسس ولاية الفقيه، وعمدت إلى القيام بذلك في إفريقيا وشرق آسيا وحتى سورية. 
لم يكن عطاء إيران ودعمها للفقراء في بعض الدول إلا مقابل قبولهم بإعلان الولاء المطلق للولي الفقيه وقراراته، والالتزام بخطط يضعها الأخير، منها تشكيل مجموعات مرتزقة لاستخدامها في الحروب العبثية التي تقودها إيران بشكل غير مباشر كالحاصلة في سورية واليمن والعراق، ولم يكن لإيران أي دور حتى في إعادة إعمار لبنان بعد الحرب الأهلية أو دعم اقتصاده او حتى تقديم السلاح لجيشه كي يكون القوة الضامنة لاستقراره، بل على العكس قدمت السلاح لميليشيات إرهابية كحزب الله أسهمت في إضعاف المؤسسة العسكرية، وبسط نفوذ حزب الله على مؤسسات الدولة اللبنانية، وأخذت قرار السلم والحرب في لبنان رهينة بيدها تستخدم هذه الورقة كلما شعرت أنها بحاجة إلى ذلك. 
ولم يتوقف الدعم الإيراني للإرهاب على تنظيمات كحزب الله، بل كانت إيران حديقة خلفية للتنظيمات الإرهابية وقياداتهم وعائلاتهم كتنظيم القاعدة الذي نفذ مئات الهجمات في السعودية ودول الخليج والغرب، ولم يستهدف إيران ولو لمرة واحدة، وكانت عملياته الإرهابية تتم بالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني، وكان التنظيم يؤمن الغطاء الأمني لتجار المخدرات الإيرانيين في أفغانستان، ويساعد على ترويج إنتاجهم من المواد المخدرة بين سكان المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وكل هذا كان يتم مقابل الأمن الذي توفره إيران لهذه المجموعات وحمايتهم من الملاحقة والقتل الذي كانت تنفذه طائرات بدون طيار أميركية في أفغانستان وباكستان. لم ينته الشر الإيراني واستمر حتى وصل إلى سورية والعراق، وتسبب في مقتل وتهجير عشرات الآلاف من المسلمين والعرب من مدنهم وقراهم بعد التنكيل والقتل الذي شهدوه خلال السنوات العشر الأخيرة، والتي كان لإيران اليد الكبرى في تأجيج الصراعات ودعم وإرسال المقاتلين إلى كل من سورية والعراق واليمن لفرض واقع جديد يسهم بتشكيل هلال شيعي، يبدأ في قم وينتهي في بيروت ليتمدد لاحقاً إلى دول أخرى، ولم تشتبك أي من الثوابت الموالية لإيران في سورية واليمن مع التنظيمات الإرهابية إلا في بعض النقاط للتمويه لا أكثر، فالاتفاقات تاريخية بينهم ولن تنتهي في أي وقت قريب، وهي التي تحمي إيران وتسهم في زعزعة أمن العديد من الدول. 
بعد هذا الشرح البسيط أسأل بعض المؤيدين لإيران في العالم العربي بعض الأسئلة:
• كيف تؤيدون إيران وهي التي تحرض على دول الخليج العربي وتسعى لاحتلال العواصم العربية الواحدة تلو الأخرى؟
• كيف تؤيدون إيران التي تسببت في شرخ كبير بين حركة فتح وحماس في فلسطين؟
• كيف تؤيدون إيران التي قتلت عشرات الآلاف من السوريين واليمنيين، وحرضت على البحرين وأرادت إسقاط نظامها؟
• كيف تؤيدون الجمهورية التي لا تسمح لمسلم سني بالترشح للرئاسة، ولا تسمح ببناء مسجد في طهران، وتطارد العرب من سكان الأحواز، وتمنعهم حتى من ارتداء ملابس عربية؟ 
• كيف تؤيدون إيران التي تحتل الجزر الإماراتية؟
• كيف تؤيدون إيران التي حرضت على مكة ومواسم الحج، وسمحت لميليشيا الحوثي باستهداف قبلة المسلمين بالصواريخ الباليستية؟
لا يؤيد إيران ونظامها إلا الخونة الذين لا يستحقون العيش بيننا، وأصبح من الواجب على قياداتنا إقصاؤهم تماماً عن المشهد وملاحقتهم بشكل قانوني ونفيهم إلى طهران وقم التي يؤيدونها ويعملون على تحقيق أهدافها ومشاريعها في العالم العربي!
تبقى المملكة العربية السعودية الأكثر تشدداً في محاربة ومكافحة الإرهاب والفكر المتطرف الذي تعتبره خطراً على الأمتين العربية والإسلامية، وتلاحق خلاياه في كل مكان داخل المملكة وخارجها، وتنسق جهودها بشكل مستمر لمتابعة تحركات هذه التنظيمات، ومنع ووقف عملياته قبل تنفيذها، بينما لم يكن لإيران أي دور في مكافحة الإرهاب حتى أصبح اسمها مرتبطا بكل الدمار والتخريب والإرهاب في المنطقة، فلا يمكن أن تقول إرهاب إلا ويكون لإيران علاقة مباشرة أو غير مباشرة به!
لا يمكن بعد كل هذه الأحداث إلا أن نكون متأكدين أن السعودية هي مملكة الخير التي تواجه مع العالم الحر جمهورية الشر الإيرانية، وهنا يكون الخيار لأصحاب العقول بالاختيار بين الخير والشر، فمن أراد الشيطان فيمكن أن يلتقيه ببساطة في مشاريع إيران الإرهابية التي يحركها خامنئي الرجيم لأهداف توسعية طائفية ظالمة، ومن أراد الخير فسيجده دائماً في مملكة الخير بقيادة سلمان الحزم والأمل وشعبه الموحد والصلب في مواجهة المخاطر والإرهاب، ولو نظرنا إلى الدول التي ساندتها المملكة وجدناها في القمة، بينما الدول التي سيطرت عليها إيران أو وصلت أياديها السوداء إليها تحولت إلى مستنقعات من التخلف والقتل والجهل والطائفية، فشكراً لله على نعمة المملكة العربية السعودية، وحكمة قياداتها، وصبر شعبها، وحبه للخير!