حسن المصطفى

مساء الأحد 16 إبريل الجاري، أطلق مسلحون مجهولون وابلا من النيران، تجاه منزل عضو المجلس البلدي السابق في القطيف نبيه البراهيم، والذي كان تعرض في 9 مارس الماضي لمحاولة اغتيال أدخل على إثرها المستشفى، نتيجة الإصابة برصاصات في الفخذ والظهر.

الاعتداء الأخير هو الرابع، في سلسلة هجمات طالت البراهيم ومصالحه التجارية وأسرته. حيث كان والد ووالدة المهندس نبيه في المنزل، أثناء إطلاق النار، ومن حسن الحظ أن أنهما لم يصابا، كما أن الكاميرات رصدت المهاجمين، وسلمت الصور للجهات الأمنية ليأخذ التحقيق مجراه.

استهداف البراهيم كان بسبب آرائه الرافضة لـ"العنف المسلح"، والداعية لوقف استهداف رجال الأمن والمواطنين، وهي المواقف التي دفع وعائلته ثمنا باهظا لها.

القطيف، وتحديدا بلدة العوامية، وطوال أكثر من ثلاثين عاما، مرت فيها منطقة الخليج بأكثر من حرب، وبعدة أحداث أمنية وسياسية، إلا أنها لم تشهد عمليات عنف وفوضى أمنية، كالتي هي الآن.

إن خطورة ما يجري حاليا، أن من يقوم بالعمليات هم شُبان صغار في السن، لا يملكون وعيا سياسيا، ولا وازعا أخلاقيا، ولا يلتزمون بقيم دينية، تحول بينهم وبين ارتكاب "جرائم" بحق المواطنين المدنيين ورجال الأمن في ذات الوقت.

غياب الرؤية السياسية وفقدان القيم لدى هؤلاء الشبّان أدى لأن تتسع دائرة المجموعات المسلحة في العوامية، لتستقطب أفرادا من خارج البلدة، بينهم مطلوبين أمنيا في قضايا جنائية، لا علاقة لها بالسياسة أو المطالب الإصلاحية، وإنما وجدوا أن رفع شعارات مناوئة للسلطة، قد تعيد لهم شيئا من سمعتهم التي تلطخت بفعل أعمال كالسطو والسرقة، جعلت المجتمع يرفضهم.

إن المسؤولية تقتضي على علماء الدين والوجهاء في المنطقة أن يكثفوا جهودهم التي بدأت منذ سنوات في مواجهة إرهاب المجموعات الإجرامية، وهي جهود كان لها أثرها في رفع الغطاء الديني والاجتماعي عن المسلحين.

سيادة القانون وحصر "العنف" بيد الدولة، مبادئ أساسية للدولة الوطنية الحديثة، وهو منطق لا تقبل به الجماعات الأصولية مثل "داعش" و"القاعدة"، وهو الرفض الذي تمارسه أيضا المجموعات الإجرامية التي تحمل السلاح في المنطقة الشرقية، حيث تشترك مع التنظيمات الإرهابية في محاولتها لكسر احتكار "السلاح" بيد الدولة، وتسعى أن تنتزع هذا الامتياز وتضيفه إلى ذاتها، معتقدة أن خلق مناخ من الترهيب والخوف، من شأنه أن يجعل لها سيطرة أوسع على توجهات الناس في المنطقة، وهو التصور الذي أثبتت الوقائع عدم صحته.