هبة ياسين 

مسيرة ممتدة من العمل الإعلامي ما بين الإذاعة والتلفزيون في مصر وخارجها، حفرت عبرها اسماً من نور على الشاشات توج بـ «حب جمهور» ارتبط بصوتها المميز وصورتها الجميلة وطالما راوده الحنين لعصر ذهبي احتلت الريادة الإعلامية المصرية صدره، وما زالت سناء منصور أحد أبرز رموزه. لذا كانت عودتها عبر الشاشة الصغيرة مبعث ترحيب وحفاوة من جمهورها العريض، فأطلت عبر برنامج «السفيرة عزيزة» على شبكة قنوات «دي إم سي». وهو برنامج خاص بالمرأة، وتشترك في تقديمه إلى جانب منصور الفنانة هالة صدقي ومذيعات شابات، هن جاسمين طه وشيرين عفت ونهى عبدالعزيز.

«الحياة» التقت منصور التي تحدثت عن ردود الفعل حيال عودتها الى الشاشة قائلة: «أثلجت صدري ردود الفعل الطيبة على عودتي، إذ لمست ترحيب الجمهور وحفاوته سواء في شكل مباشر أو عبر الاتصالات التي تلقيتها، ما أشعرني أنه كان قراراً صائباً، وما زلت أؤمن بأن المذيع مهما تدرب خارج إطار الشاشة يظل تدريبه الحقيقي أمام المشاهدين، الذين نتمرن فيهم».

وعن الكواليس قالت: «تلقيت عرضاً من الرئيس التنفيذي لـشبكة قنوات «دي أم سي» عماد ربيع، لتقديم برنامج للمرأة يفترض أن يضم ثلاثة أجيال هم جيل الكبار والوسط والشباب، فوجدتها فرصة سانحة للخروج من أجواء الابتعاد التام من الساحة الإعلامية، عبر برنامج يستهدف المرأة المصرية التي اعتبرها قادرة على لعب دور حقيقي في تغيير ثوابت المجتمع الدخيلة علينا والشوائب التي تسللت له في غفلة من الزمن، فغيبت قيمنا الأصيلة مثل التواصل واحترام الكبير، وثقافة الاعتذار، فأهيل عليها التراب فكادت أن تندثر، ورأيت أن «السفيرة عزيزة» يمكن أن يكون جسراً للعبور إلى المشاهدين كي أنشر رسالتي».

وأضافت: «ما زال البرنامج في مستهل دخوله حلبة الملعب التلفزيوني، لكنني لمست مشاهدته في بعض الأوساط عبر التعليقات والمناقشات حوله، كما أن أي برنامج في بدايته يسعى إلى عمل أرضية شعبية، وتدريجياً يبدأ المذيع في بناء جسر من الارتباط والثقة مع الجمهور بفعل إطلالته اليومية، وما زلنا في المرحلة الأولى».

وأشارت إلى أن البرنامج «يضم بين مذيعيه جيلي الكبار والوسط، وأطمح أن يضم مستقبلاً الجيل الصغير الصاعد الرافض لكل شيء، بغية طرح قضايا جديدة للحوار، بخاصة أن سمة هذا الجيل أنه ساخط حيال كل شيء مما يحتم مناقشته». وتابعت: «طالما نصنع برنامجاً في العام 2017، فلابد أن يأتي مختلفاً من حيث الرؤى، وأن يحتوي إبداعاً وابتكاراً على مستوى المضمون وهو ما نعمل عليه».

وعن تقويمها للبرنامج، قالت: «لا أستطيع تقويم البرنامج، ولكن أسعى مع فريق العمل على تطوير الأداء والمحتوى. قد تختلف وجهات النظر بيننا، ولكن بمرور الوقت تتقارب الرؤى، ما يصب في صالح البرنامج بخاصة أن هدفاً واحداً يجمعنا».

وحول ما أشيع عند انطلاق «دي أم سي» أنها جاءت بديلة للتلفزيون الرسمي المصري (ماسبيرو)، وهل أزعجها الأمر أو جعلها تتردد في قبول العرض بوصفها ابنة أصيلة لـ «ماسبيرو»، أجابت: «جمعتني لقاءات بمسؤولي القناة سواء المهندس طارق إسماعيل أو الهيئة التنفيذية للقناة، واستشعرت خلال ما يطرحونه على طاولة النقاش عكس ذلك، إذ أبرمت الشبكة بروتوكول تعاون ضخماً مع التلفزيون المصري (ماسبيرو)، وثمة إيمان حقيقي من إدارة القناة بأنها لا يمكن أن تحل بديلاً عنه، فلم أستشعر أن تلك الإشاعة حقيقية أو أن هناك محاولة لتكسير «ماسبيرو» أو النيل من رموزه، كما أن غالبية كوادر القناة هم من أبناء التلفزيون المصري، الذي يمثل تاريخاً، لذا هو عصي على الهدم، ولكن من الممكن القول إنه مريض وواهن بعض الشيء، ويوماً ما سيتعافى».

وأضافت: «وضعنا خطة في البرنامج، كنا بصدد تفعيلها، لكنّ برامج أخرى نفذتها، مفادها استضافة أحد وجوه ماسبيرو من قدامى وكبار نجومه ومذيعيه ممن يحظون بحب الجمهور وصنعوا شعبيته كي نذِّكر المشاهد أن التلفزيون المصري ما زال حاضراً، بينهم نادية صالح وإيناس جوهر ودرية شرف الدين وهالة سرحان ونجوى إبراهيم وإسعاد يونس وميرفت فراج وفاطمة الكسباني، فتجري استضافتهم ومشاركتهم لنا تقديم البرنامج أسبوعياً».

ورأت منصور أن «الهيئة الوطنية للإعلام» يقع على عاتقها «عبء كبير ويتعين عليها أن تكون على قدر المسؤولية التي عهدت إليها، وهي فرصة لإصلاح الوضع كل من موقع مسؤوليته، عبر العمل على إعادة التلفزيون المصري إلى مكانته المستحقة واستعادة بريقه، من دون أن يتضرر أي من العاملين فيه من خلال حلول مبتكرة وعمل جاد لإنقاذه، وعبر الاستعانة بالخبراء المتخصصين في الإدارة والقانون للتغلب على أزماته، وأعتقد أن التغيير ممكن».

وكشفت سناء منصور لـ «الحياة» عن أمنية قديمة راودتها ولم تستطع تحقيقها، وتأمل ذلك في الوقت الراهن، قائلة: «فكرت قبل سنوات في صناعة برنامج وثائقي حول شخصيات ذات ثقل وتاريخ، والغوص والتسلسل إلى بواطنها، بخاصة الشخصيات التي تتساقط حولنا يوماً بعد الآخر، لتوثيق فكرهم وعصارة تجربتهم في الحياة، على أن يكون برنامجاً مصوراً خارج نطاق السؤال والجواب، للتعرف إلى ما عايشوه من تاريخ ومن بين تلك الشخصيات الدكتور مراد وهبة والراحل عبدالوهاب المسيري. ولم يكن مهماً بالنسبة إلي أن يعرض البرنامج، كان يكفيني أن يكون في مكتبة أي محطة تلفزيونية كـ «توثيق»، إذ أعتبر تلك الشخصيات مثلاً أعلى يحتذي به ينبغي توثيقها وما زالت تراودني تلك الأمنية وأتمنى أن أجد الشاشة التي تتحمس لصناعة هذه الفكرة، إذ أرغب في تقديم تلك الرموز التي تتساقط يوماً تلو الآخر كي تتعرف إليها الأجيال الجديدة من الشباب وتنهل من خبراتها، وتصير لها بمثابة مثل أعلى يتبعون خطواته».

من المعلوم أن الإعلامي المحنك لديه من الخبرة وسرعة البديهة التي تمكنه من التحكم في مشاعره ومغالبتها أمام الشاشة، لا سيما في ما يتعلق بشؤونه الشخصية، ولكن قد تأتي أوقات يعجز خلالها عن ذلك، وهو ما واجه سناء منصور التي اختنق صوتها وكادت عبراتها تنهمر، لكنها غالبتها تأثراً وحزناً على وقع تلاوتها بعض الأخبار المتعلقة بالأحداث الإرهابية التي استهدفت كنيستي طنطا والإسكندرية، وهو ما شرحته الإعلامية المخضرمة بقولها: «جاء الأمر رغماً عني، إذ طافت كل الصور في ذهني، وأنا إنسانة قبل أن أكون مذيعة، فلم أتمالك نفسي عند لحظات معينة، ولم تنسب دموعي، لكنّ بكائي كان داخلياً، وتحشرج صوتي واختنق بالبكاء، فالمصاب جلل، ولا يخص عقيدة أو ديناً بل وطناً، واستشعرت أن الإرهاب وجه ضربة قاصمة لمصر». وأضافت: «تتيح لي خبرتي الإعلامية السيطرة على مواقف محرجة وأمتلك الحنكة للتحكم بمشاعري حين تتعلق بمشكلة شخصية، لكنها أزمة تعصف بالوطن، وجرح غائر في صدره، وحينها فقط تتلاشى المهنية ورباطة الجأش فالوطن أكبر من أي شيء، فوجدت الماضي والحاضر ومستقبل أبنائي ينزف لذا لم أستطع السيطرة على مشاعري».

واعتبرت منصور أن برامج الـ «توك شو» هي أكثرها سهولة وفسرت قائلة: «تعتمد تلك البرامج بخاصة السياسية منها على إلقاء الضوء على الأحداث اليومية الجارية اعتماداً على القدرة على انتقاء الأحداث المختلفة للعرض. أما الباعث الرئيسي في الاهتمام بهذه البرامج فالفترة العصيبة التي مرت بمصر والعالم العربي خلال السنوات الأخيرة، فصار الـ «توك شو» هو قمة النجاح، حتى انسحب منه البساط تدريجياً». وهو ما عللته بقولها: «يتراجع الاهتمام بتلك البرامج في حالة الاستقرار، فكلما استقرت الأوضاع العامة في البلاد تراجع الإقبال عليها، بخاصة أن الجمهور لا يستهويه أن يخرج المذيع على الشاشة كي يوجه له محاضرات تحمل وجهة النظر الخاصة به، وصارت كل قناة تعتمد في نجاحها على برنامج واحد، بينما ثمة ضرورة لبرامج تحمل رؤية وفناً وإبداعاً في كل المجالات».