عبدالله العلمي 

سجل وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الأسبوع الماضي ثمانية أهداف في مرمى حلفاء موسكو في المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره الروسي سيرجي لافروف على بعد خطوات من الكرملين.

الهدف الأول درس في الدبلوماسية، وهو أن السعودية تنسّق المواقف مع روسيا بشأن الأزمة في سوريا، وأن الرياض وموسكو متفقتان على احترام سيادة الدول. مرة أخرى نجحت السياسة السعودية الهادئة في تجاوز الشعارات الشعبوية التي بُنيت على المقولات القومية.

الهدف الثاني هو تأكيد الجبير علنا من موسكو أن على النظام السوري أن يدفع ثمن استخدام الكيمياوي. هذا ليس كل شيء، بل طالب الجبير بأن يثبت النظام السوري أنه لا يملك أسلحة كيمياوية.

الهدف الثالث أن لا مكان للأسد في مستقبل سوريا. النظام السوري قتل نصف مليون شخص وشرد 12 مليونا من شعبه وخرق اتفاق وقف إطلاق النار مرارا وتكرارا، لأنه يفتقد إلى القيَم الإنسانية والأخلاقية. السعودية تأمل في أن يتم لجم التهوّر السوري عبر مفاوضات الحل السياسي على أساس مرجعية جنيف وقرارات مجلس الأمن.

الهدف الرابع أن لا مكان لميليشيات حزب الله. دول مجلس التعاون الخليجي قضت على معظم قواعد الميليشيات التي استخدمت الغطاء الإيراني الواضح للاعتداء على البحرين والإمارات والسعودية. هذه الميليشيات الإرهابية التي تخصصت في شراء الذمم، أجّجت النزاعات الإقليمية ونقلت العرب إلى بؤر الصراع الدموية التي مازالت مستعرة منذ أكثر من ست سنوات.

الهدف الخامس أن السعودية تعمل على وضع حد لتدخلات إيران وحزب الله في الشرق الأوسط. لا مكان بيننا لهذه الميليشيات التي أغرت البسطاء وتدخلت في سوريا والعراق واليمن وفي دول المنطقة. ليس خافيا أن طهران تسعى إلى التغرير بالسذّج لنشر “التشيّع السياسي” عبر تمويل الميليشيات لدعم مصالحها التوسعية. طموح طهران هو تخريب السِلم الاجتماعي عبر الأعمال الإرهابية وتحويل دول المنطقة إلى منصات تابعة لها لتهريب المخدرات والمتفجرات.

الهدف السادس هو التأكيد بما لا يدعو إلى الشك على أن الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس وحزب الله يقومون بتنفيذ عمليات تطهير عرقي في سوريا.

الأدلة واضحة، السعودية وحلفاؤها في “رعد الشمـال” كشفوا عن أمـاكن ومحطات الأسلحة التي تخزّنها طهران. السعودية أثبتت أيضا تورط طهران في تهريب السلاح إلى الحوثيين لتفجير المنطقة برمتها. كل أصابع الاتهام عن التفجيرات في البحرين تشير إلى إيران.

معظم المحلّلين يشيرون إلى أن مسرحية إطلاق سراح المختطفين القطريين صُنعت في طهران. حتى موسم الحج في مكة لم يسلم من متفجرات إيران.

أما جائزة نكتة الأسبوع فهي من نصيب أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني الذي طالب جميع دول العالم الأسبوع الماضي بمنع إرسال السلاح إلى الإرهابيين.

الهدف السابع هو دعم السعودية لجهود المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد لإيجاد حل للأزمة اليمنية على أساس قرارات مجلس الأمن.

الرياض قامت بدورها، وتم التفاهم مع بعض الدول العربية الأفريقية على اقتلاع النفوذ الإيراني. حان وقت إغلاق مخلفات معسكرات التدريب والقواعد العسكرية في البحر الأحمر التي استخدمتها الميليشيات الإيرانية لزعزعة الأمن في المنطقة.

الهدف الثامن تأكيد الجبير على أن السعودية تثمّن دور روسيا في حلحلة القضية الفلسطينية. لم يعد خافيا أن الإعداد يتم حاليا لتهجير مَن تبقّى من الفلسطينيين من القدس بهدف إعلانها عاصمة أبدية لإسرائيل، وإلغاء حقّ العودة نهائيا. نعم، مازالت الرياض مصرة على إنقاذ فلسطين من الضياع.

أنجز عادل الجبير مهمته في موسكو بحنكة دبلوماسي متمرّس ونجح في تسديد الأهداف في المرمى مع التأكيد على أهمية الدور الـروسي. أعلن الجبير موقف السعودية من حزب الله وإيران وضرورة رحيل الأسد، وفي نفس الوقت شدد على أهمية الحوار بين موسكو ومجلس التعاون الخليجي. إذا لم تكن هذه دبلوماسية ناجحة فما هي؟