عثمان الماجد 

 في ضوء المخزي والمتهاوي في قاع الخسة من الأفعال، التي يأتيها «حزب الله»، هذا الحزب المجاهر منذ نشأته بالسياسات المفضوحة التي يستهدف بها الأمن العربي ويدعم بشكل سافر النفوذ الإيراني، يمكننا القول بمنتهى الأريحية والاطمئنان إنه لمما يثير السعادة وينشر الفرح ويوسع مساحات الأمل في النظرة إلى مستقبل العرب أجمعين، وعرب الخليج على وجه التعيين واليقين، أن يصدر أي قرار ضد هذا الحزب أو يدينه، سواء أكان هذا القرار دوليًا أم إقليميًا أم على مستوى دولة واحدة بوزن الولايات المتحدة الأمريكية مثلا.
في هذا الإطار يتنزل اعتبار «حزب الله» تنظيمًا إرهابيًا من جهات عديدة قبل فترة من الزمن، واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة ضده والملزمة كفرض الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي العقوبات الاقتصادية في عام 2015، والمؤمل تشديدها في أوائل هذا الشهر من العام الجاري لكي تشمل من لهم صلات بهذا الحزب الإرهابي، لمحاصرته والحد من تغوله في بيئته اللبنانية أولا، وفي البلدان العربية الأخرى التي فسح له الضعف العربي فيها مجال أن يتدخل ويدس أنفه ويعبث، ولنا في الشأن السوري مثالاً حيًّا ينطق بمدى خطورة هذا الذي سمى نفسه «حزب الله».
بصفاقة مذهبية مذهلة وبمحض تصور طائفي نزق، حكم سلوك «حزب الله» الطائفي منذ فورة ما يسمى بـ«الربيع العربي»، بعد سيادة خطاب «الممانعة» المتهافت في ذروة أحداث «الربيع العربي»، وكان، هذا الحزب، قد فرض نفسه قبل ذلك أمرًا واقعًا في لبنان بقوة السلاح يعترف له بدور يتجاوز كل أدوار الأحزاب والطوائف الأخرى هناك، إذ يكاد يكون حالة حزبية فريدة تنازع الدولة سلطانها واحتكارها للسلاح بل وتنافسها في مجالات تدخلها منافسة يكاد المرء فيها يقول إن الدولة هي «حزب الله» والحزب هي الدولة اللبنانية بمختلف مكوناتها ومؤسساتها. لقد اختار هذا الحزب أن يكون معول هدم في أيادي ملالي إيران يأتمر بما يأمرون به. وما الحروب التي أشعل نيرانها مع إسرائيل إلا جزء من هذه الأوامر التي تورط بارتداداتها الكارثية الشعب اللبناني.
حروب تجر حروبًا، هذا هو واقع الحال مع «حزب الله» والنتيجة خراب ودمار يعصف بلبنان ويهتك بنسيجه الاجتماعي الذي كان يوما ما مضربا للمثل في التعايش والتسامح، ليعتاش من وراء هذه الحروب، السياسيون ورجال الدين في إيران الذين دائما يدفعون باتجاهها في محاولة لطمس الواقع المرير الذي تعيشه شعوب إيران، وعليه فإن على العرب مجتمعين أن يدعموا كل جهد دولي أو إقليمي أو فردي، وأن ينتبهوا إلى خطورة هذا الحزب على مصالح العرب وينبهوا لها، وعليهم بالتالي أن يقطعوا الطريق أمام هذا التنظيم الإرهابي الذي يعمل جاهدا على أن يكون الراعي الرسمي للمصالح الإيرانية في عالمنا العربي والإسلامي، وهو بهذا الدور القذر يسعى إلى ربط مصالحنا بالمصالح الإيرانية بمنطق الإرغام حينا والمناورات أحيانا، وفي كل الحالات فإن السكوت عنه يجعلنا جميعا عرضة لمخاطر لا يعلم شدة وقعها إلا الله.
وقائع الأحداث الجارية في سوريا، وسلوك «حزب الله» في ساحة الحرب هناك، وإسهامه في الدفاع عن بشار الأسد تؤكد أن للحزب دوافع طائفية واضحة المعالم، وقد عبر عنها أمينه العام حسن نصر الله في أكثر من مرة من خلال ظهوره الإعلامي الممل الذي به يستهلك الوقت، لكن هذه الدوافع لا ينبغي أن تنسينا حجم الحزب الحقيقي في المعادلة السورية، فالحزب ذهب إلى هناك بإيعاز من القيادة الإيرانية، وبمباركة روسية. لم يعد سرا أن الروس يستخدمون مقاتلي الحزب ليكونوا سياجا بشريا يوفر الحماية المطلوبة للقوات الروسية هناك. وبحكم التواصل المستمر بين روسيا وإسرائيل لا يستبعد أن يكون الحزب قد أستدرج إلى سوريا ليكون مقاتليه وعتادهم الذي يصرف لهم من مخازن الأسلحة في الجنوب هدفا للضربات الجوية الإسرائيلية بعيدًا عن لبنان. وإذا ما نحن وضعنا في الاعتبار انغماس الحزب في وحل الحرب المجنونة في سوريا فإن العقوبات الاقتصادية ستكون على هذا الحزب وبالا، وستأتي أكلها في القريب العاجل، وهذا ما نرجوه. بخلاف الإدارة الأمريكية السابقة، التي كادت تسهل لملالي إيران السيطرة على منطقة الخليج العربي من خلال جهلها بالأجندة الإيرانية، فإن الإدارة الحالية بقيادة دونالد ترامب تبحث عن مجالات تعاون لكشف أسباب تردي الأوضاع الأمنية في هذه المنطقة بوصفها من المناطق الحيوية للاقتصاد العالمي، ولعل المطلوب منا، حكومات وشعوب، أن نبين لهذه الإدارة بالدليل القاطع والبرهان الساطع ما تتعرض له هذه المنطقة من أعمال إرهابية مدعومة من إيران من خلال «حزب الله»، وأن نكشف لها عن حقيقة تواطؤ مجموعات إرهابية مع هذا الحزب الذي يسعى إلى تدمير الأمن ويقضي على التعايش، بفضح الجمعيات التي تجاهر بالسلمية والمدنية وهي تضمر كل السوء لمنظومة اجتماعية وسياسية واقتصادية وتربوية نجحت في أن تعبر بدول الخليج العربية كل العواصف، وأرست دعائم قوية لمجتمعات الرفاه فكانت بذلك قاطرة تنموية أشاعت العمل والثروة حيثما حلت. علينا أن نفضح ازدواجية خطاب هذه الجمعيات، وأن نكشف ولاءها المطلق لإيران ودعمها اللامشروط للأذرع الإرهابية التي مدتها إيران في كامل دول المنطقة.
الواجب الوطني والإنساني يقتضي من الجميع العمل على رد «حزب الله» إلى حجمه الحقيقي قبل التخلص من سطوته إقليميًا، لأني أعتقد أن الشعب اللبناني الذي أنجب خيرة المفكرين سيلفظ هذه الثمرة الفاسدة ويتخلص منها عاجلاً أو آجلاً. أمن دول الخليج، والمنطقة العربية والعالم يمر حتمًا عبر تكاتف الجهود وتكاثفها لينكفئ «حزب الله»، مع كل الأحزاب والجماعات التي تعمل على النيل من السلام والأمن في منطقة الخليج العربي، وتعود إلى أحجامها الطبيعية، فتستعيد دول مجلس التعاون عافيتها وأدوارها التنموية المنشودة.