محمد بن عبدالرحمن البشر

محمد بن سلمان رجل الساعة، استمع إليه الكثير لمدة ساعة، وأوضح الكثير مما يدور في خلدهم في غضون ساعة، وهو رجل الرؤية، وبين الكثير من الرؤية، وأصبحت الرؤية جليه لمن له رؤية، وهو رجل السياسة، فأوضح لنا ما قاسه، وما خاضه ورأسه.

ولنلقي الضوء على تلك المقابلة المهمة، والتي شملت قضايا داخليه وخارجية، وأهم القضايا الداخلية، هو منظور رؤية 2030، والتي قسمت إلى ثلاث مراحل، أولاها من وقتنا حتى2020، والثانية إلى 2025، والثالثة إلى 2030، والأجمل في الرؤية أنها واضحة المعالم لكل مرحلة، حيث تحتوى على برامج متعددة، ذات أهداف كل هدف تكون الآمال معلقه على تحقيقه، وإذا تحقق جله أو بعضه، فلابد من دراسة أسباب تعثر ذلك البعض الذي لم يتحقق، والبحث عن حلول له، فكان الحديث عن التوازن الاقتصادي والموازنة والاستثمار والإسكان، واتضح بما لا يدع للشك، أن الرؤية تسعى إلى تقليل العجز، والحد من الاعتماد على النفط، وتوسعة الاستثمار الداخلي، وخفض البطالة، وتوطين الصناعة، واستغلال الثروات المحلية، وعلى رأسها التعدين.

أوضح سمو الأمير أن حجب البدلات كان مؤقتاً، نظراً لانخفاض أسعار النفط إلى رقم يقرب من الخمسة والخمسين أو يزيد قليلاً، وأن ذلك الأمر طبيعي.

من أهم المواضيع التي تحدث عنها سمو الأمير، هو صندوق الاستثمار، الذي انتقل من دخل ثابت يتراوح بين الواحد والنصف إلى ثلاثة في المائة، إلى أن أصبح الصندوق يسهم بعشرات المليارات، وأن ذلك سوف يساعد كثيراً في تحقيق العجز في الميزانية الذي يتوقع أن يكون أقل من ثلاثين في المائة، وهذا يعني التقليل من الاقتراض، رغم أن الاقتراض يعتبر وضعاً طبيعياً، وهناك دول في دول العشرين يشكل فيها العجز نسبة كبيرة من إجمالي إنتاجها الوطني. 

والحقيقة أن من دقق في حديث سمو الأمير سيتضح له أن صندوق الاستثمارات العامة ستكون له مساهمة كبيرة في اقتصاد المملكة، وأن تكون استثماراته موازية للإنفاق الحكومي، حيث أنه سيدخل في المشاريع عالية المخاطر مثل المعادن والترقية وصناعة السلاح، وصناعة السيارات وغيرها. وإضافة إلى مساهمة صندوق الاستثمارات العامة، هناك مداخيل من الصناعة وغيرها أسهمت في موازنة الدولة حيث ارتفعت إلى ما يقرب من مائتي مليار ريال، وجميعها موارد غير نفطية.

علمنا من رجل الساعة ذلك الجزء الذي سيتم بيعه من شركة أرامكو سيكون طبقاً لحاجة الاستثمار، وأن المتحكم في كمية الإنتاج هو المملكة، وهي حريصة كل الحرص على الحصول على أكبر عائد ممكن عن طريق التوازن بين كمية الإنتاج والأسعار، وبين أن المملكة استطاعت إقناع المنتجين خارج أوبك للمساهمة في خفض الإنتاج، وتم ذلك لأول مرة. وتحدث سمو الأمير عن الإسكان المجاني والميسر، وتوفيره للمواطنين، كما تحدث عن حساب المواطن، وأنه لخدمة متوسطي ومنخفضي الدخل.

وفي الشأن الخارجي كان سموه واضحاً فيما يخص اليمن، وأن الحرب ليست مرغوبة لكنها فرضت عندما تمادى الحوثيون ودخلوا عدن، وأوضح بجلاء إلى ما يثار حول العلاقات السعودية الإماراتية، وأن تلك العلاقة لا يتحدث عنها أحد بسوء إلا مغرض معلوم الهدف، وكان أسلوبه يوحي بأنها فوق كل اعتبار. 

وتحدث عن العلاقة مع مصر، وأوضح أن العلاقات السعودية المصرية راسخة ومتينة، وأن الإعلام الأخونجي هو الذي يثير المغالطات، وتعجب الأمير بأن ثلاثة عشر في المائة من التجارة العالمية تمر عبر البحر الأحمر، وأن استفادة المملكة منها صفر، لذلك فإن المملكة ستعمل على إيجاد بنية تحتية للحصول على أكبر قدر ممكن، وأبان أن تيران وصنافير سعودية بلا شك كما هو موثق في المملكة ومصر والمحافل الدولية، وأن جسراً بين المملكة ومصر سيتم إنشاؤه للمساعدة في التنقل. وبيَّن سموه أن سوريا الآن تعمل فيها دول عظمى بما فيها أمريكا وروسيا، وأن المملكة تتفاهم مع روسيا بما يحقق مصالح المملكة، والشعب السوري.

وأخيراً تحدث سموه عن بيت الداء، وهي إيران، وكان موقفه منها موقفاً واضحاً، وبين أن الخلاف معها ليس بسبب المصالح التي يمكن التفاهم حولها، لكن كان الخلاف أيدلوجياً، فماذا يمكنك أن تفعل مع دولة مكتوب في دستورها أن منتهى غايتها أن تنشر المذهب الجعفري الاثني عشري في جميع ديار المسلمين، انتظاراً للمهدي المنتظر، هذه الدولة بهذا الفكر من المستحيل التعامل معها، مهما بينت غير ذلك، وكان هناك تجربة مع رافسنجاني، ومن جاء بعده، وكان تبادل الأدوار واضحاً والهدف ثابت.

هذه أقوال رجل الساعة الذي سعى لوضع المملكة على رأس الدول العربية والإسلامية، بمكانتها الدينية، والسياسية، والاقتصادية لتكون الفاعل الأول على الساحة العالمية، أن الأمل في الله كبير، والرؤية واضحة في ظل استقرار سياسي، وأمني كبير.