محمد الوعيل

لم تكن الزيارة التي قام بها سمو ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، إلى واشنطن، ولقاؤه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في البيت الأبيض، سوى محطة في مسيرة العلاقات القوية والتاريخية مع الولايات المتحدة، والتي استطاع فيها سمو ولي ولي العهد إعادة مسار هذه العلاقة إلى مزيد من الثقة والتعاون لما فيه مصلحة الشعبين الصديقين، بعد فترة شهدت تناقضات عديدة خاصة فيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية والمتغيرات العالمية المتوترة، خاصة في فترة إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.

نجح الأمير محمد بن سلمان في التوافق مع الإدارة الأميركية الجديدة، وتوجيه المسار عبر رؤيته "الشابة" المستندة إلى ثقل ومركز القائد الأب سلمان بن عبدالعزيز، وما يمثله من حنكة وعقلانية وحكمة في التعامل مع غالبية الملفات، واستثمار هذا التوجه لخلق توافق دولي وخاصة مع القوة العظمى في العالم، بشأن البؤر المتوترة في الشرق الأوسط مثل اليمن وسورية، إضافة لاستعراض مسارات حل الصراع العربي الإسرائيلي وقضيته المركزية الفلسطينية، وكذلك بخصوص مكافحة الإرهاب والمليشيات التكفيرية وأساليب مواجهتها من خلال ما يمكن اعتباره عقيدة عالمية جديدة، لا تحصره في دين بعينه، أو جنسية بذاتها.

لذا لم يكن غريباً أبداً، أن تكون الرياض المحطة الأولى والرئيسية في الجولة المرتقبة التي يعتزم الرئيس ترامب القيام بها للمنطقة خلال أقل من ثلاثة أسابيع، والتي أعتقد أن إعلان الأبيض عنها ربما ضرب كثيراً من التوقعات المحبطة في مقتل، والتي راهن بعضها على تسميم العلاقات السعودية الأميركية عن طريق الصيد في مياه المتغيرات العكرة. ولكن من المؤكد أن إدارة الرئيس ترامب تدرك جيداً الثقل المركزي للمملكة، وأهميتها الإقليمية والعالمية، وقوتها المؤثرة في غالبية المحاور، لذا تكون الزيارة المرتقبة فرصة لالتقاء الزعيمين الكبيرين خادم الحرمين الشريفين زعيم أقوى دولة عربية، والرئيس الأميركي قائد القوة العالمية الأولى، والتي يبني عليها كل المحللين أهمية كبيرة في الوقت الراهن، لتدشين رؤية مشتركة في التعامل مع الملفات الإقليمية الشائكة والعالقة بكل تهديداتها ومخاطرها الإقليمية والعالمية، وتكون بالتالي استمراراً لما سبق أن وضع لبناته الأمير الشاب محمد بن سلمان في واشنطن وتم الاتفاق على غالبية تصوراته ومحاوره.. خاصة وأن سموه يحمل رؤية استراتيجية مهمة للغاية ويعمل على تنفيذها بكل جيدة للنهوض بالمملكة على كافة المحاور.

لا أبالغ إذا قلت أن العالم يترقب قمة سلمان/ ترامب، ومنطقة الشرق الأوسط تعلق على نتائجها المرجوّة خاصة بعد ست سنوات من الاضطراب وضبابية الرؤية، خاصة بعد مرحلة ما يسمى بـ"الربيع العربي" والتي ساهمت في مزيد من القلاقل والتشرذم، ولهذا تكون المنطقة في أمسِّ الحاجة لصوت العقل وإرساء السلم الاجتماعي ومواجهة تيارات الإرهاب والتكفير ومخاطر التدخل التي تمارسها بعض القوى الإقليمية وعلى رأسها إيران بالتأكيد.

وأستطيع أن أزعم، أن زيارة سمو ولي ولي العهد لواشنطن، وزيارة الرئيس ترامب للرياض بالتالي، تعكسان الاهتمام المشترك من لدن قيادتي البلدين بضرورة التعاون وتوثيق عرى الصداقة بما يخدم شعوب المنطقة ويرفع عنها التهديدات المحدقة، وأتوقع أيضاً أن ترسي قاعدة جديدة من أجل الوصول لتوافق بين الدولتين على حل نهائي لبؤر التوتر والصراع، لتنعم المنطقة بالسلام المنتظر.