عبدالمحسن سلامة

لم يجد المفلسون والمتنطعون سوي إطلاق الشائعات التافهة والسخيفة للإضرار بعلاقات دول مجلس التعاون الخليجي مع مصر، وكانت رسائل «الواتس أب» ضمن وسائلهم الخبيثة للترويج لذلك، وتحريض مواطني دول مجلس التعاون لعدم السفر إلي مصر بزعم تلفيق قضايا مخدرات لهم حال عدم دفعهم «رشوة» في المطارات، مما استدعي تحركا عاجلا ومحترما من سفراء دول مجلس التعاون الخليجي لإصدار بيان أكدوا فيه أن تلك الشائعات ما هي إلا «كذب واإفتراءات لا أساس لها من الصحة».

استنكر سفراء دول مجلس التعاون الخليجي مثل هذه الرسائل التي تحاول الإضرار بالعلاقات القوية بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي التي ترسخت عبر عقود طويلة من التعاون والثقة المتبادلة والعمل من أجل مصلحة المنطقة العربية بأكملها.

في اعتقادي أن اطلاق مثل هذه الشائعات في هذا التوقيت بالذات مقصود ومستهدف حيث تجاوزت علاقة مصر بالمملكة العربية السعودية تحديدا سحابة الصيف التي مرت بها أخيرا، وهو ما تم ترجمته في لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي وخادم الحرمين الشريفين في القمة العربية الأخيرة في الأردن، ثم تلا ذلك زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للرياض، وهي الزيارة التي أجمع المراقبون علي نجاحها، وشهدت مباحثات مكثفة علي مختلف الأصعدة، ولعل من أبرز مؤشرات نجاحها هو ما صدر عن ولي ولي العهد محمد بن سلمان من تصريحات حول العلاقات بين مصر والسعودية التي وصفها بالمتجذرة والمتينة، وأنها في أفضل أحوالها، مشيرا إلي أن من يطلق الشائعات علي توتر العلاقات بين مصر والسعودية هم اعداء لمصر والسعودية، سواء أكانوا من الإخوان أم إيران علي حد وصفه.

ميزة العلاقات المصرية السعودية أنها علاقات راسخة لا تهتز بسهولة، وقد تكون هناك بعض الاختلافات في بعض القضايا، لكن تظل الحكمة هي أطار معالجة تلك الخلافات بعيدا عن الشطط والانفعال.

للأسف أحيانا تقوم بعض وسائل الإعلام بدور سلبي ـ حتي وأن كان بحسن نية ـ في زيادة حدة الخلافات لكن حكمة القيادتين المصرية والسعودية تجعل من السهل تجاوز تلك المواقف بسهولة لتعود الأمور إلي ما كانت عليه.

بعد الزيارة الناجحة للرئيس عبد الفتاح السيسي للمملكة العربية السعودية كانت زيارته التالية للامارات العربية، وهي الدولة التي لها مكانة خاصة في قلوب المصريين لمواقفها الرائعة والمتميزة في مساندة الشعب المصري بعيدا عن أي توجهات طارئة هنا أو هناك، ومنذ عهد مؤسس دولة الامارات العربية المغفور له بإذن الله الشيخ زايد آل نهيان، ومصر والامارات لا يفترقان أبدا، تحت أي ظروف مما جعل لمصر مكانة خاصة في الامارات، وللامارات مكانة أكثر خصوصية لدي المصريين.

علاقات مصر بالامارات ليست علاقات ثنائية فقط لكنها علاقات تهتم بكل قضايا المنطقة العربية خاصة في ليبيا وسوريا واليمن، وهناك تنسيق رفيع المستوي في الملف الليبي والذي شهد أخيرا لقاء فايز السراج رئيس الحكومة الليبية المؤقتة والمشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية علي أرض الامارات في إطار التنسيق المشترك بين الامارات ومصر في الملف الليبي، ورغبة الدولتين في ايجاد حل للأزمة الليبية يحفظ لليبيا وحدتها، وينقذها من شبح التطرف والارهاب ومخططات التقسيم.

علي الجانب الآخر يقوم الرئيس عبدالفتاح السيسي اليوم بجولة خليجية يبدؤها بزيارة الكويت ويلتقي الشيخ صباح الأحمد الجابر أمير الكويت لإجراء مباحثات رسمية لبحث العلاقات المشتركة بين الدولتين من أجل زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر، وتنشيط حركة التجارة بين البلدين، والتنسيق حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وخاصة الأوضاع الملتهبة في المنطقة العربية وفي مقدمتها اليمن وسوريا وليبيا، وتعتبر الكويت هي سفيرة النوايا الحسنة في المنطقة العربية لسياستها الحكيمة والمتزنة طوال الوقت، وهي من الدول القليلة التي تقوم بمشروعات تنموية وخيرية في دول العالم كافة دون أن تنتظر مقابل ذلك سياسيا أو ماديا.

بعد ذلك تأتي المحطة الثانية لجولة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلي دولة البحرين للقاء الملك حمد بن عيسي آل خليفة حيث يبحث الزعيمان سبل تعزيز التعاون الثنائي علي مختلف الأصعدة الاقتصادية والسياسية ومناقشة آخر المستجدات في قضايا المنطقة.

هذا التحرك المصري ـ الخليجي خيب ظن أهل الشر ـ سواء اكانوا افرادا ام جماعات ام دولا ـ ممن كانوا يراهنون علي سوء العلاقات المصرية ـ الخليجية لتنفيذ مخططاتهم الشريرة استنادا إلي ما أعتقدوه بالخطأ في وجود أزمة مصرية ـ سعودية خصوصا، وأزمة مصرية ـ خليجية عموما، لكن تلك التحركات كشفت نواياهم الخبيثة وأوهامهم المريضة، وللأسف بعض الدول الشقيقة راهنت علي ذلك الاعتقاد الخاطيء وبدأت تسير عكس الاتجاه دون ادراك حقيقي لقوة مصر ومكانتها أولا، ومتانة علاقتها بدول الخليج ثانيا رغم أنف قطر ومن يسير علي نهجها من خارج دول مجلس التعاون.

أعتقد أن الايام القادمة سوف تشهد ترجمة فعلية لنتائج هذه الزيارات سواء علي مستوي العلاقات الثنائية أو القضايا الإقليمية والعالمية كافة.