فاتح عبد السلام

تكرار‭ ‬المصطلحات‭ ‬السياسية‭ ‬اللامعة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬اعطاء‭ ‬تفسير‭ ‬لعملها‭ ‬واستخداماتها‭ ‬هو‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الاستهلاك‭ ‬الشعاراتي‭ ‬الذي‭ ‬يعود‭ ‬بسوء‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬محاولة‭ ‬اصلاح‭ . ‬نراهم‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬يعلنون‭ ‬كلما‭ ‬اتيحت‭ ‬لهم‭ ‬الفرصة‭ ‬التبرؤ‭ ‬من‭ ‬المحاصصة‭ ‬الطائفية‭ ‬ونبذها‭ ‬،‭ ‬لاسيما‭ ‬من‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يحكمون‭ ‬في‭ ‬مفاصل‭ ‬شتى‭ ‬بقوة‭ ‬تلك‭ ‬المحاصصة‭ .‬

لا‭ ‬احد‭ ‬يقدم‭ ‬برهاناً‭ ‬على‭ ‬امكانية‭ ‬اجتراح‭ ‬طريق‭ ‬خارج‭ ‬المحاصصة‭ ‬المقيتة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يكرر‭ ‬نفس‭ ‬المسارات‭ ‬كون‭ ‬القوى‭ ‬المسموح‭ ‬لها‭ ‬بالظهور‭ ‬والتداول‭ ‬السياسي‭ ‬حتى‭ ‬الان‭ ‬انّما‭ ‬هي‭ ‬نتاج‭ ‬الفرز‭ ‬الطائفي‭ ‬المعضد‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬غالباً‭.‬

الدستور‭ ‬نفسه‭ ‬يشجع‭ ‬على‭ ‬الاقتسامات‭ ‬الطائفية‭ ‬وكذلك‭ ‬القوانين‭ ‬الخارجة‭ ‬من‭ ‬رحمه‭ ‬والطروحات‭ ‬التي‭ ‬يعجن‭ ‬بها‭ ‬السياسيون‭ ‬منذ‭ ‬اسقاط‭ ‬تمثال‭ ‬صدام،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬الكتل‭ ‬التي‭ ‬تخوض‭ ‬الانتخابات‭ ‬باستثناءات‭ ‬قليلة‭ ‬غير‭ ‬مؤثرة‭ ‬بالمشهد‭ ‬السياسي‭ . ‬إذن‭ ‬ما‭ ‬معنى‭ ‬أن‭ ‬أحمل‭ ‬شعاراً‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬تنفيذه‭ ‬،‭ ‬هي‭ ‬محاولة‭ ‬للبداية‭ ‬الصحيحة‭ ‬،‭ ‬وهذا‭ ‬يحظى‭ ‬بتأييد‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬المناداة‭ ‬بالشيء‭ ‬خارج‭ ‬مرحلة‭ ‬التطبيق‭ ‬الى‭ ‬حالة‭ ‬التطبيق‭ ‬،‭ ‬ينبغي‭ ‬عند‭ ‬ذلك‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تطابق‭ ‬بين‭ ‬النظرية‭ ‬والتطبيق‭ .‬

اشرح‭ ‬المسألة‭ ‬أكثر‭ ‬،‭ ‬انّ‭ ‬هناك‭ ‬كلّ‭ ‬الاشياء‭ ‬والمستلزمات‭ ‬طائفية‭ ‬بامتياز‭ ‬ولا‭ ‬يجوز‭ ‬المساس‭ ‬بها‭ ‬،‭ ‬فكيف‭ ‬يريد‭ ‬الحالمون‭ ‬بالتغيير‭ ‬على‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬نسمع‭ ‬من‭ ‬شعاراتهم‭ ‬أن‭ ‬ينجزوا‭ ‬تقدماً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجو‭ ‬الملوث‭ .‬

المناداة‭ ‬بنبذ‭ ‬المحاصصة‭ ‬الطائفية‭ ‬هي‭ ‬أخطر‭ ‬من‭ ‬الانتماء‭ ‬لتنظيم‭ ‬داعش‭ ‬لدى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الرؤوس‭ ‬الكبيرة‭ ‬لأنها‭ ‬تعني‭ ‬نسفها‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬،‭ ‬لذلك‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تغير‭ ‬في‭ ‬جوهر‭ ‬البنية‭ ‬السياسية‭ ‬الطائفية‭ ‬الحاكمة‭ ‬بالعراق‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتحول‭ ‬الشعار‭ ‬الى‭ ‬قوانين‭ ‬نافذة‭ ‬تجرم‭ ‬التصرف‭ ‬الطائفي‭ ‬شكلاً‭ ‬ومضموناً‭ ‬وهيئات‭ ‬وأحزاباً‭ ‬وشخصيات‭ ‬وشعارات‭ ‬وتصريحات‭ . ‬وأظن‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬لو‭ ‬حدث‭ ‬لكان‭ ‬هناك‭ ‬ولادة‭ ‬لعراق‭ ‬جديد‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬لأي‭ ‬اختراق‭ .‬