علي سعد الموسى 

دولة الرئيس: لقد أخذت العالم بأسره بالفجأة والدهشة، وأنت تختار الرياض كمحطة أولى في أول زيارة لفترتكم الرئاسية. هذه سابقة أميركية وغربية، دعت عشرات محللي السياسة لأحاديث هائلة في دراسة سبب الاختيار،

بينما أظن هنا أن القصة لديكم واضحة: أنتم ستأتون إلى المفتاح الوحيد المتبقي لإنقاذ خريطة ملتهبة لازالت فيها هذه «الرياض» هي المكان شبه الوحيد الآمن المستقر الذي نجا بوعي استثنائي من عاصفة الفوضى اللاخلاقة. كل الحلول اليوم لا يمكن أن تبدأ إلا من قرار «الرياض» وهذا هو قدرنا التاريخي المضطرين إليه في هذه المملكة. دولة الرئيس: دعني أبحر بكم قليلاً إلى ثماني سنين من الأمس: وفي ما يقرب من هذا التاريخ جاء إلينا سيئ الذكر، باراك أوباما، وغادر الرياض ليلقي خطابه الشهير في جامعة القاهرة. وأكاد أجزم لكم يا دولة الرئيس، أن شوارع العرب وخارطة المسلمين قد توقفت تماماً في تلك الساعة لتستمع إليه. كان خطاباً فلسفياً أقرب للصياغة الأكاديمية التي يلقيها أستاذ جامعة في فصل دراسي للسياسة، ومع الزمن اكتشفنا أنه لا يليق بزعيم دولة عظمى مثل الولايات المتحدة. نثر أمامنا كل الوعود ولكنه ولثماني سنين لم يبذل أدنى الجهد لتنفيذ سطر واحد من الواردة في خطابه. كان يقول ما لم يستطع أن يفعل.
دولة الرئيس: كان باراك أوباما وهيلاري كلنتون تحالف المهزوم مع الضعيف، ولم يكتوِ هذا الشرق الأوسط بنار في تاريخه بمثل ما اكتوى من هذا الحلف في سدة الرئاسة الأميركية. ودعكم، دولة الرئيس، من سياسات الخراب التي نعتقد هنا أن هيلاري كانت فيها راسماً وشريكاً في هذا الجزء الحيوي من العالم، ولكن سأكون واضحاً إن قلت إن العالم يعرف جيداً أن باراك أوباما في عاميه الأخيرين كان تابعاً وثانياً بعد فلاديمير بوتين. هذه إهانة كبرى لتاريخ الولايات المتحدة. كان باراك أوباما مجرد شاهد متفرج على هذه المسرحية المقززة وهو يترك طهران تحتل بالواقع، لا بالافتراض، سورية والعراق ولبنان واليمن وتختار من حوزة «قم» من يحكم بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء. لقد وقفت هذه «الرياض» ووحدها خلال هذه السنوات الثماني في وجه هذا المد الفارسي مثل الأخ الناجي الوحيد بين مرضى الطاعون والجدري من إخوته في ذات الغرفة. والخلاصة، دولة الرئيس، نحن لا نريد من زعيم أميركي مثلكم أن يأتي إلينا بخطاب جديد مثلما فعل أوباما من قبل. نحن لدينا حساسية متشائمة من الوعود والخطابات. نحن هنا دولة الرئيس نعرف عدونا الأول والوحيد في هذه المنطقة، ثم اكتشفناه على الحقيقة وهو يفعل بنا في ثماني سنوات خلت ما لم يستطعه خلال أربعين سنة. ستكتشف دولة الرئيس أن الرياض هي الحليف الصادق المستقل الذي يعرف ووحده كل مفاتيح الحلول بعقل واعتدال. المطلب الوحيد: ألا تكن أوباما بنسخة مختلفة.