طلعت بن زكي حافظ

زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المقررة للسعودية، والتي سيعقد خلالها ثلاث قمم تاريخية، مع الملك سلمان وقادة دول خليجية وعربية وإسلامية، تُعد زيارة تاريخية بجميع المقاييس والمعايير الدولية والسياسية، سيما وأنها تُعد الزيارة الأولى التي سيقوم بها الرئيس الأميركي المنتخب قبل أشهر إلى دولة أجنبية وصديقة منذ وصوله إلى البيت الأبيض.

وباعتبارها الزيارة الأولى للرئيس الأميركي خارج أميركا للسعودية، فإنها تؤكد على عمق العلاقات التى تربط بين البلدين، على الرغم مما شابها من فتور خلال إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، بسبب مواقف الإدارة الأميركية المتذبذبة وغير الواضحة آنذاك، بل المتخاذلة تجاه العديد من القضايا العربية والإسلامية، التي تأتي على رأسها وفي مقدمتها، القضية الفلسطينية، والأزمتين السورية والعراقية، مروراً بالاتفاق النووي مع إيران.

ولكن وعلى الرغم من تلك المواقف، وبعضاً من تصريحات الرئيس الأميركي الحالي المثيرة للجدل عن المملكة وعددٍ من الدول العربية والإسلامية، إلا أنه وكما يقول المثل "ما يصح إلا الصحيح"، بتوجيه البوصلة الأميركية نحو المملكة العربية السعودية، باعتبارها مركز العالم الإسلامي وحجر الأساس للسلام والأمن الدوليين، إضافة إلى ما يربط المملكة وأميركا من علاقات اقتصادية وسياسية متجذرة، رسم خطاها المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه-، في اجتماعه التاريخي بالرئيس الأميركي روزفلت، الذي عقد على متن الطراد يو إس إس كوينسي عام 1945.

وكما يبدو واضحاً من الناحية الاقتصادية، أن العلاقات الاقتصادية السعودية - الأميركية، ستشهد تحولاً جذرياً خلال السنوات القادمة، خلاف ما كان على الوضع في العقود الماضية، التي كانت تعتمد إلى حدٍ كبير على النفط، نظراً لتبني المملكة تطبيق رؤيتها الطموحة 2030، التي تؤمن إيماناً كبيراً بأهمية بناء الشراكات المحلية والدولية، وبالذات الدولية في مجالات وأنشطة اقتصادية متعددة، مثل التعدين، والطاقة المتجددة، والصناعات العسكرية، وبما يعزز فرص الاستثمار الأجنبي في المملكة، ويدعم توطين الصناعات التي تمتلك المملكة فيها لميزات تنافسية وقيمة مضافة.

ويتوقع للتحول في العلاقات الاقتصادية السعودية - الأميركية من الأسلوب التقليدي، الذي يعتمد على الاستيراد والتصدير، إلى بناء شراكات فعلية، أن يعود ذلك بالنفع على الاقتصاد الوطني، كون أن ذلك سيساعد على رفع الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الناتج المحلي وفقاً لتطلعات الرؤية، من (3,8) في المئة إلى (5,7) في المئة، وأيضاً رفع نسبة الصادرات غير النفطية من (16) في المئة إلى (50) في المئة إلى الناتج المحلي غير النفطي، ورفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى إجمالي الناتج المحلي من (20) في المئة إلى (35).