أحمد عبده ناشر

منذ دخل الاستعمار إلى بلاد المسلمين بعد سقوط الدولة العثمانية كانت ممارسة تغيير التركيبة السكانية لهذه البلدان وكانت فلسطين هي البداية إذ بدأت فيها خطة تهجير اليهود من أوروبا وغيرها لتغيير التركيبة السكانية وقيام دولة إسرائيل، وكانت أكبر كارثة ظلم في العالم. ولا يستغرب ذلك فقد كانت دول كبرى تم القضاء على سكانها الأصليين، أضف على جنوب إفريقيا وروديسيا. ومن دولنا الإسلامية ماليزيا إذ تم تهجير الصينيين إليها وكانت سنغافورة أولى الضحايا وتم فصلها عـن مـاليزيا وكذلك فطانـي جنوب تايلند وما عملته روسيا في آسيا الوسطى.

واليوم عاد هذا المخطط بأسلوب عصري من خلال سياسة الاستيطان في الأراضي المحتلة وهو ما تمارسه إسرائيل تحت سمع وبصر العالم بينما الدول الإسلامية والعربية منها تنتظر ممن يقومون بهذا المخطط بالإنصاف منه، وتكتفي بالإدانة على استحياء. و لم يقف الأمر عند هذا الحد فقد بدأت إيران بممارسة هذه الخطة من خلال العراق وسوريا واليمن.

وبدأت وسائل الإعلام العربية متأخرة بعد سبات طويل تتحدث عن هجرة غير شرعية للموصل بعد أن ضللوا الناس بقصة داعش التي لا تحارب إيران وإسرائيل وإنما مهمتها ضرب السنة وإعطاء مبرر لتهجير السنة من منازلهم وأراضيهم وهو ما تعاني منه كركوك وسامرا والموصل وكذلك حلب ودمشق وغيرها تعاني أزمة التهجير بتعاون روسي بالاتفاق مع إسرائيل التي تلقت ضمانات بأن هذا المشروع سيتم وفق المصالح التي تحلم بها إسرائيل لحمايتها من الخطر وأن وقف إطلاق النار هو وفق شروط إيران . وفي اليمن تمارس مليشيات الحوثي مدعومة بدعم لوجستي واسلحة متطورة، إضافة لما يقوم به الحراك الجنوبي من تهجير وقمع وتعذيب بشع وإحراق محلات لأبناء تعز وغيرهم لتهجيرهم وإشعال حرب أهلية كبيرة مستمرة تهدد استقرار وسلامة المنطقة.

الوضع خطير وقد اعترف به كيسنجر وبرنارد لويس. والمسلمون في سبات وإثارة الأحقاد والعداء في هذا المخطط الذي ينفذه العرب اليوم مجاناً والكل خاسر دون الاعتبار من دروس التاريخ.

وإذا أردنا أن نعرف الحقائق فإن هناك قضايا هامة في هذا الإطار وهي:

1- قضية فلسطين والتي أصبح الكثير من النشطاء والدول يرفضون ممارسات إسرائيل وظلمها وعدوانها ولابد من نسيان قضية فلسطين بأمور أخرى ونسيان المقدسات.

2- وقف انتشار الإسلام الذي أصبح له وجود في الغرب والعالم وما حذر منه دانيل بايب في تقاريره حول خطورة هجرة المسلمين على هوية الغرب وخوف اللوبي الصهيوني من هذا.

3- المصالح الاقتصادية والثروات تجعل المناطق غير المستقرة من خلال الحروب الطائفية والمناطقية وانتشار هذه اللغة في التفاهم تؤدي إلى استمرار هيمنة الشركات والدول على مصالح الأمة.

لذا فإن ما يجري اليوم هو حرب على الدول ذات النفوذ والأهمية، فالحروب ليست فقط صراعات مسلحة وسلطة فقط وإنما لها أبعاد. وقد كشفت حرب سوريا والعراق ودخول الإيرانيين في العراق ، وكذلك في سوريا وكذلك الحوثيون والحراك والجماعات الإرهابية التي تدعي السنة وكذلك هجرات بعض الدول الآسيوية إلى العالم الإسلامي بطرق غير مشروعة تهدد هوية المنطقة وهو ما جعل سيدنا عمر رضي الله عنه يمنع هذا خوفاً على اللغة العربية لأنها لغة القرآن والعادات القبلية التي أقرها الإسلام كالكرم والوفاء والشهامة. وهناك مخططات تهـدد الهـوية العربية الإسلامية والتركيبة السكانية لا يجوز الاستهانة بها ولنقرأ ذلك وسنجده مكتوبا حتى عند أصحابها. ونحن أمـة لا تقرأ والتاريخ المعاصر يشهد بذلك.