محمد بن عبدالرحمن البشر

قمة ستجمع القادة العرب وقادة البلاد الإسلامية بحضور الرئيس الأمريكي الجديد، وسيكون اللقاء كما هو معلوم في عاصمة العالم الإسلامي الرياض، والغاية الأساسية منه مزيد من التنسيق، وخطة طريق لمحاربة الإرهاب، وفتح أبواب أمل أكثر لصرف الطاقات الكامنة لدى شباب العالم العربي والإسلامي للانتفاع بها في بناء الأوطان حتى يستطيعون مشاركة العالم المتقدم في الدفع بالنمو إلى رحاب أوسع.

أن تكون الرياض ملتقى الزعماء، وأن تكون المحطة الأولى للرئيس الأمريكي في حضور الرؤساء، فإن لذلك دلالة واضحة على أن المملكة العربية السعودية، هي الدولة الأكثر قدرة على تجميع القلوب، وصنع السلام، والوقوف صفاً واحداً في محاربة الإرهاب، وكيف لا وهي الدولة الأكثر تضرراً منه، والأكثر محاربة له، والأكثر اتفاقاً للقضاء عليه، والأكثر تأليفاً على محاربته.

الإرهاب مصدر كل داء، وأساس كل بلاء، ومرتع كل منتفع، ومنبت كل من لا يرتدع، وهو منهج أهل الأهواء، وملاذ متطرفي الآراء، لا يردعهم إيمان وهم يدعون الإيمان، ولا يصرفهم عن غيهم بيان، وهم يستخدمون لتشريعهم كل بيان، قلوبهم قاسية، وعقولهم في الظلم رأسيه.

ومن المؤسف أنهم يدعون الإسلام، ويبيعون بجماله أوهاماً، ويغرون به طيب المقام، وهو والله من أفعالهم براء، ومن أقوالهم أبعد من السماء.

والمملكة بها مكة المكرمة وهي قبلة المسلمين، والمدينة المنورة التي شع منها نور الحق المبين، فحملت هذه الفضيلة، وحاربت الرذيلة، فكان لزاماً أن تحمل الراية، للرفع من شأن الأمة، والمساعدة في تنظيف ما يشوب هذا الدين العظيم، من تشويه مقصود وغير مقصود، سواء كان ذلك من خلال أبناء الإسلام أنفسهم الجاهلين أو المعادين.

ولهذا، فالمملكة تريد جمع الأمة لتكون الكلمة على الحق سواء، لعل ذلك يرفع من المظالم، ويعيد لحمة البلاد العربية والإسلامية.
يعرف الجميع أن ما يسمى بالربيع العربي، أو الخريف العربي، أدى إلى نتائج كارثية في دول كثيرة، وكان صدعاً كبيراً في مجتمعات عاشت متلاحمة سنين طويلة، طرح هذا الربيع وكأنه المنقذ، فإذا به يكون خريفاً ينفض الأوراق، ويسلب الأشجار جمالها، ويسقط بعض أغصانها، ويستمر الخريف ولم يسمح بالربيع أن يعود، واستمر هذا الخريف لعدد غير قليل من السنين، لم يلح في الأفق بارقة أمل أن ذلك الخريف الطويل سيخسر، وأن ربيعاً وارفاً، وثمراً يانعاً سيحل محله، ليستظل الشعوب وتنحسر المسغبة، ويرتوي الضمآن، ويأمن اللهفان.

كانت المملكة تراقب هذا الخريف، وهي البعيدة عنه بفضل من الله، ثم بسبب التلاحم بين القيادة والشعب، كما هي الحال في دول الخليج الأخرى، وكان الإرهاب قد وجد في ذلك الخريف مكاناً ملائماً للنمو والتمدد، ولهذا فقد خطط خطوات كثيرة ومتعددة لتخفيف الآلام، وردم كل هوة تستطيع ردمها، حتى دانت معظم الدول لقدرتها على رأب الصدع، وبعد أن قررت أن تقام هذه القمة العربية الإسلامية وبحضور رئيس أكبر دولة في العالم، لبى العالم العربي والإسلامي هذه الدعوة، وزاد الأمل في العالم أجمع، أن ذلك الاجتماع التاريخ سيتمخض عنه نتائج إيجابية تصنع آملاً أكبر لشعوب هذه المنطقة، والأمة الإسلامية جمعاء.

العالم يعلم الحكمة التي تتحلى بها قيادة المملكة، واحترام العالم أجمع لها، وسعيها لصنع السلام، ومشاركتها في كل برامج الخير عبر العالم، وهي الساهرة على مصالح العالم العربي والإسلامي، مستخدمة ما حباها الله من ثروات مكانية وبشرية وماليه، وسماحة، وبسطت يد، تضع الأمل على أكف الكثير من القيادات الحريصة على نهضة شعوبها، فترجوا من الله أن يكون التوفيق حليف المملكة، وأن يديم عليها الرخاء والأمن والسلام.