أحمد الفراج

لا يزال قرار الرئيس ترمب بعزل مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (الاف بي آي)، جيمس كومي، يثير الجدل في واشنطن وحول العالم، فهو الرجل الذي سبق لترمب أن أشاد بمهنيته، وحتى اللحظة، لا يزال كومي صامتاً، ولم يعلّق على عزله، ويدير (الاف بي آي) حالياً نائب كومي، اندرو مكيب، والتعليق على هذا القرار ذو شؤون وشجون، فترمب وإدارته يعتقدون أن كومي لم يكن مؤهلاً لقيادة مكتب التحقيقات، وأن عزله يأتي في صالح عمل المكتب، ولكن الأمر ليس بهذه البساطة، فترمب سبق أن أشاد بكومي، عندما كان مرشحاً للرئاسة، وجاءت تلك الإشادة بعد أن تدخل كومي، في وقت حرج وحساس، أي قبيل الانتخابات بأيام، في قضية التحقيق باستخدام هيلاري كلينتون لبريدها الشخصي أثناء عملها وزيرة للخارجية، وهو الأمر الذي ألحق ضرراً بالغاً بهيلاري، وخدم ترمب، كما يعتقد كثير من المراقبين.

خصوم ترمب يستخدمون هذا التناقض في موقف ترمب من كومي للطعن بمصداقيته، بل واتهامه بأنه عزل مدير (الاف بي آي) لأن الأخير يحقق في تدخل روسيا بالانتخابات الأمريكية، وجدير بالذكر أن خصوم ترمب يزعمون بأن روسيا تدخلت لصالح ترمب، وأنه شخصياً متورط بهذه الفضيحة، مع أنه لم يثبت شيء من ذلك، وفي المقابل، فإن ترمب وإدارته يتهمون خصومهم بالتناقض أيضاً، وهذا صحيح، فالديمقراطيون هم من طالب بعزل كومي، بعد تدخله قبيل الانتخابات الماضية، ولكن الديمقراطيون يردون بالقول إنهم بالفعل طالبوا بعزل كومي قبل أشهر، عندما ارتكب خطأ جسيماً، وخالف قوانين وزارة العدل، وتدخل في سير الانتخابات، ولكن طالما أنه لم يعزل حينها، فلا داعي لعزله الآن، وهو يحقق في تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية، وبالتالي فإن لكل فريق أسبابه وتبريراته.

الإعلام الأمريكي، المنحاز أصلاً ضد ترمب، استغل الفرصة لينال من ترمب، خصوصاً بعد نجاحاته مؤخراً في السياسة الخارجية، إلا أن الإعلام ذهب بعيداً، وشبه عزل ترمب لكومي، بعزل الرئيس نيكسون للمحقق الخاص في قضية ووترقيت، في عام 1973م، وهو القرار الذي أفضى في نهاية المطاف إلى عزل نيكسون نفسه، وهم هنا يطرحون فكرة أن عزل مدير (الاف بي آي) سيؤثّر على مجريات التحقيق في تدخل روسيا بالانتخابات، وهذا الزعم ليس دقيقاً، فـ(الإف بي آي) مؤسسة أمنية عريقة، لها تاريخها الحافل، الذي تجلله المهنية، ومع أن مديرها كومي له ثقله الكبير، إلا أنه مجرد ترس واحد في ماكينة ضخمة، شعارها ملاحقة الأدلة أينما وجدت، وتطبيق القانون على أي كان، والخلاصة هي أن عزل كومي قد لا يكون قراراً موفقاً من ترمب، طالما أنه يحقق في قضية تتعلق بالرئيس ويتابعها الشعب الأمريكي، ولكن المبالغة من خصوم ترمب، وتشبيه ما حدث بفضيحة ووترقيت ليس مهنياً ولا دقيقاً، وسنتابع تطورات كل ذلك، فالقضية مشتعلة حتى كتابة هذا المقال!