جهاد الخازن

أستاذ القانون الدستوري الأميركي لورنس ترايب دعا في مقال نشرته الميديا الأميركية إلى عزل دونالد ترامب لأنه حاول «عرقلة العدالة»، وهذه في مقدم شروط العزل التي وُضِعَت لحماية النظام الدستوري.

لم يُعزَل أي رئيس أميركي منذ تأسيس الولايات المتحدة سنة 1776. أندرو جونسون كاد يُعزَل، وريتشارد نيكسون استقال قبل أن يُعزَل، أما بيل كلينتون فكانت جريمته الكذب على المحققين في قضية جنس مع المتدربة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي.

دونالد ترامب حاول عرقلة سير العدالة بوقف التحقيق في علاقة روسيا معه ومع كبار موظفيه قبل انتخابات الرئاسة وبعدها.

لا بد أن المطالبة بعزل ترامب ستأخذ زخماً جديداً بعد نشر «واشنطن بوست» خبراً مرعباً (للأميركيين) يقول أن ترامب في اجتماعه مع وزير خارجية روسيا وسفيرها لدى الولايات المتحدة في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، كشف معلومات سرية للغاية تهدد مصدراً أساسياً للاستخبارات عن الدولة الإسلامية المزعومة.

أرجح أن دونالد ترامب فعل، فهو يريد أن تبقى روسيا معه، ولا تكشف أخباراً وصوراً عن زيارته موسكو مع ملكات الجمال ومَنْ قابل هناك من نساء أخريات يعملن للاستخبارات الروسية.

الجريدة لم تقل مَنْ هو «المصدر الأساسي» للمعلومات، وأرجح أنه إسرائيل، فلا دولة حليفة للولايات المتحدة في أوروبا تملك معلومات عن الإرهاب أكثر مما تعرف الاستخبارات الأميركية. ويبقى أن نرى ما إذا كانت معلومات إسرائيل أو غيرها صحيحة، أو أنها محاولة للكسب من الولايات المتحدة.

البيت الأبيض نفى أن يكون الرئيس أعطى سيرغي لافروف وسيرغي كيسلياك معلومات سرية. ومستشار الأمن القومي هـ. ر. ماكماستر نفى التهمة نفياً قاطعاً، وقال أنه حضر الاجتماع. السؤال هنا ما هو تعريف «المعلومات السرية جداً». ماكماستر قال أن الرئيس والوزير والسفير تحدثوا عن الإرهاب وخطره على الطيران المدني، ولكن لم يخوضوا في أسرار.

كانت الولايات المتحدة وبريطانيا منعتا في آذار (مارس) الماضي حمل الركاب هواتف نقالة وأجهزة إلكترونية في الحقائب التي يحملونها داخل الطائرة. المنع شمل عشر دول غالبية سكانها من المسلمين. وزارة الأمن الوطني تقول الآن أنها تفكر في توسيع المنع ليشمل رحلات الطائرات بين دول أوروبا كلها والولايات المتحدة.

ترامب يقاوم ومن أخباره الأخرى أنه قرر «تطهير» البيت الأبيض، بمعنى طرد بعض كبار الموظفين، وقرأت بين الأسماء المطروحة رينس بريبوس، كبير الموظفين، وشون سبايسر، الناطق الصحافي. ربما كان ترامب يأمل بأن يصبح إجراء من هذا النوع الخبر الطاغي في الميديا الأميركية فتنسى طرد جيمس كومي، رئيس وكالة الاستخبارات المركزية، لأنه طلب مزيداً من المال للتحقيق في العلاقة بين ترامب وروسيا. لا أرى أن هذا سيحدث فطرد كومي لا يزال الخبر الأهم في الميديا الأميركية كلها، بما في ذلك الجزء الصغير منها الذي يدافع عن ترامب، مثل فوكس نيوز، وموقع برايبارت الإلكتروني.

أعضاء الكونغرس يطالبون الآن بأن يقدم البيت الأبيض للتحقيق أي تسجيلات لحديثه مع كومي، فقد تبين أن الرئيس يسجل جلساته مع زواره. وكان السيناتور المتطرف ليندسي غراهام دافع عن ترامب مرة بعد مرة، إلا أنه هذه المرة أصر على كشف التسجيلات إن وُجِدَت.

كل ما سبق يحصل على خلفية اجتماع دونالد ترامب هذا الشهر مع البابا فرنسيس في الفاتيكان، وفي الشرق الأوسط مع الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس محمود عباس ومجرم الحرب بنيامين نتانياهو. أول جولة خارجية له منذ دخوله البيت الأبيض مهمة، إلا أن الحملة لعزل دونالد ترامب أهم وستستمر وتشتد.