هبة ياسين 

تربعت النجمة المصرية يسرا على عرش النجومية ولم تبرحه، إذ حجزت مكانتها الراسخة بين مصاف الكبار منذ التحقت بالفن في نهاية السبعينات. وطالما كانت الشهرة والنجومية محفوفتين بالصعوبات، يظل الحفاظ عليهما الشق الأصعب، وهو ما تمكنت منه يسرا التي حفلت مسيرتها بعدد من الأعمال البارزة، بينها: «المهاجر» و»طيور الظلام» و»معالي الوزير» و»عمارة يعقوبيان».

وعلى رغم كونها نجمة سينمائية، فإنها لمعت تلفزيونياً عبر خوضها بطولة مسلسلات مميزة استهلتها بالمسلسل الشهير «رأفت الهجان» عام 1988 بأجزائه الثلاثة، وتوالت أعمالها التي ناقشت غالبيتها قضايا مجتمعية شائكة يميزها الحرص على التنوع، منها «حياة الجوهري» و«قضية رأي عام» و«بالشمع الأحمر»، و«أحلام عادية» و«في أيد أمينة»، فيما حقق مسلسلها «فوق مستوى الشبهات» نجاحاً كبيراً رمضان الماضي.

وتتميز الفنانة الكبيرة بأنها صاحبة الابتسامة الأكثر سحراً والإطلالة الأجمل في الفن المصري، تغمر جميع من حولها بفيض من المحبة والعطاء، ما أوردها سلاماً داخلياً انعكس على ملامحها الأوروبية فلم تزدها السنوات إلا جمالا وألقاً.

هذا العام، تطل على جمهورها كما لم تظهر من قبل، عبر مسلسل «الحساب يجمع»، من إخراج هاني خليفة وإنتاج «العدل غروب».

«الحياة» التقت يسرا في بلاتوه المسلسل، حيث بُني حي شعبي بكـــل تفاصيله الواقعية خصيصاً مـــن أجـــل العمل على ضفـــاف نهر النيل في منطقــة وراق الحضر (غرب القاهرة).

وتحدثت لـ «الحياة» عن تفاصيل دورها قائلة: «أجسد شخصية سيدة مكافحة تدعى «نعيمة» تعيش في منطقة شعبية، وهي أم لفتاتين تسعى الى الارتقاء بهما عبر دفعهما الى استكمال تعليمهما الجامعي، لذا عملت كـ «خادمة» في المنازل ومن ثم تحولت إلى طهي الوجبات وبيعها، وتولد لديها حلم بامتلاك مطعم للمأكولات الشعبية، لكن تصادفها خلال رحلتها في الحياة عثرات كثيرة، وتتضح عبر الأحداث كيفية مواجهتها تلك الأزمات وهل تتغلب عليها أم تطحنها تلك الظروف العصيبة فتسقط في الشراك التي نصبت لها».

وأبدت يسرا إعجابها بتلك الشخصية موضحة: «لم تخجل «نعيمة» من مهنتها كخادمة يوماً. بل دائماً ما تفتخر مرددة: «أنا خادمة لقمة عيشي». وهي تختلف تماماً عن شخصيتي خلال رمضان الماضي في «فوق مستوى الشبهات»، إذ أقدم هنا شكلاً مغايراً عبر دراما وأداء وإحساس ومفردات وظروف مختلفة تماماً لا يمكن مقارنتها بمسلسل العام الماضي، الذي تناول طبقة تعيش في المجمعات السكنية الفارهة، بينما يدور «الحساب يجمع» في حارة شعبية».

وأكدت يسرا أنها تتعمد تقديم أدوار متنوعة، «لأن البقاء على وتيرة واحدة يحرق الممثل ويطفئ وهجه، وطالما أثبت نجاحي عبر أداء دور بعينه، فلست في حاجة الى تكراره، بل يصبح ضرورياً البحث عن دور جديد».

وعن كيفية صياغتها التفاصيل الشكلية لبطلة العمل، لفتت: «التقيت شخصيات مشابهة لـ«نعيمة» خلال حياتي اليومية، فهم يعيشون بيننا نحبهم ويبادلوننا المودة ولا يمكننا الاستغناء عنهم لكونهم أمناء علينا، كما أن المسلسل يعرض أكثر من نموذج، بينها الطيب والشرير والجيد والسيئ سواء بين الطبقات الثرية أم الشعبية».

وبررت يسرا ارتداءها «الحجاب» مؤكدة: «هو ليس الحجاب التقليدي، وإنما زي ترتديه النساء في تلك المنطقة، إذ حاولت خدمة الشخصية بكل تفاصيلها، فـ»نعيمة» تخرج من المنطقة الشعبية مرتدية غطاءً للرأس و»العباية»، وهي أدواتها قبل الخروج مثلها مثل ملايين المصريات، بينما تكشف عن شعرها في منزلها أو ترتدي «العصبة». هذا مناخ لا يمكن الخروج عنه لأنه يعني الابتعاد من الواقعية، فهذا يعد زياً شعبياً، لا سيما أن ثمة أشياء صارت من صميم طبيعة الحارة المصرية، التي لم تعد كسابق عهدها في الماضي حين كانت السيدات يرتدين الأزياء المختلفة وفساتين بلا أكمام».

وعن خشيتها من العرض الحصري من عدمه، أشارت: «مصر هي التي ابتدعت الحصري حينما كنا نبيع الأعمال إلى المحطات العربية، وتمنيت ألا يعرض «الحساب يجمع» على قناة واحدة فقط، لكن «دي إم سي» قناة حديثة، وأعتقد أنهم في حاجة الى هذا العرض الحصري، وهي محطة كبيرة ومهمة وأتمنى أن يكون نجاحي واضحاً عبر شاشتها».

وأضافت يسرا أنها تبدي الملاحظات حيال سيناريو العمل، وقد تتدخل في بعض المشاهد أحياناً، وتابعت: «أرى أحياناً أن ردة فعل «نعيمة» في بعض المواقف ينبغي أن تكون في شكل وطريقة يحدثان وأداء معين دون سواه، بينما مواقف أخرى عليها استخدام طريقة مغايرة كي تطابق الواقع». وزادت: «قد ألجأ ومخرج المسلسل إلى تغيير بعض الأشياء التي نراها غير ملائمة. وقد يكون لي بعض الملاحظات أيضاً أثناء اختيار المشاركين في بطولة العمل، وقد أفاجأ ببعضهم الآخر، إذ يختارهم المخرج لاستشفافه موهبتهم، ومنهم الممثلة الصاعدة ديانا التي تؤدي دور ابنتي، فهي تعد اكتشاف المخرج».

وفسرت تعاونها مع المخرج هاني خليفة للعام الثاني على التوالي، قائلة: «تسود بيننا حالة من التفاهم في الأعمال التي نقدمها سوياً، وثقتي به كبيرة جداً، إذ يتسم بالدقة البالغة في التفاصيل لكونها تصنع الشخصية والحكاية».

وأكدت يسرا: «ينبغي إتاحة الفرصة أمام الوجوه الجديدة، إذ كنت يوماً ما مثلهم وتلقيت المساعدة من عمالقة الفنانين خلال بدايتي، لذا يتحتم عليّ أن أقوم بذلك أيضاً تجاه الفنانين الصاعدين».

وعن عرض أعمالها التلفزيونية خلال شهر رمضان، قالت: «لا يمكنني أن أقدم أعمالاً خارج موسم رمضان، نظراً الى أنه شهر المشاهدة في شكل أكبر من أي موسم آخر، حيث اعتدنا خلاله الجلوس أمام التلفزيون منذ فترة الإفطار وحتى ما بعد السحور، والعمل الوحيد الذي فكرت في عرضه خارج رمضان هو «سراي عابدين» وتراجعنا، كونه مسلسلاً كبيراً وعرض في رمضان 2014».

وعن تعمّدها عرض قضايا تشغل المشاهد عبر أعمالها، أوضحت: «قضايانا الحياتية كثيرة جداً وتحمل ظروفاً مختلفة كثيرة، وسئلت لماذا أقوم بعمل تدور أحداثه في منطقة عشوائية بينما مسلسلات كثيرة هذا الموسم تدور في الإطار ذاته، وأجبت «حتى لو دارت أحداث كل الأعمال في المناطق العشوائية، تظل الشخصية مختلفة والعالم الذي تعمل فيه «نعيمة» مغايراً».

واعترفت يسرا بأن الحفاظ على النجومية ليس سهلاً، مشيرة إلى ضرورة أن يعرف الممثل كيفية توظيف اسمه عبر انتقاء الأدوار التي تسمو به وتساهم في توهجه ويتألق من خلالها، وليس تلك التي تفقده بريقه، وتجنب الأدوار التي تسيء إليه وتبخس قيمته، وهو أمر مهم جداً يخضع لذكاء الممثل ويمكنه من الحفاظ على مكانته».

وكشفت النجمة المصرية أنها لم تكن تفضل المشاركة في الدراما التلفزيونية في الماضي، نظراً الى وجود محطتين تلفزيونتين فقط، فيما كان التلفزيون المصري يوزع المسلسلات في كل أنحاء العالم». وأضافت: «كان المشاهد يشاهدني في السينما، لكن بعدما صارت السموات مفتوحة مع ظهور مئات القنوات الفضائية، سأتواجد فيها شئت أم أبيت، لذا فمن الأفضل أن أتواجد برغبتي وعبر شكل متجدد يطرح قضايا مهمة بعدما أصبح التلفزيون أساسياً في حياتنا».

وعلى الصعيد السينمائي، قالت يسرا: «تلقيت نحو 6 عروض سينمائية، لكن لم أجد نفسي فيها. وحتماً سأظهر عبر فيلم سينمائي في القريب سأكشف تفاصيله في حينه».

وعن معاييرها لقبول الأعمال الفنية، شددت: «أضع شروطاً للحفاظ على وجودي، لا بد من أن أجد نفسي في الدور وليس أن تخدم يسرا الدور ولكن أن يخدم الدور أيضاً وجودي وتاريخي كنجمة سينمائية».

وعن قدرتها على تحقيق التوازن بين العمل الفني والإنساني لكونها سفيرة للنوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز، قالت: «في الحقيقة، أفسحوا لي مساحة من الوقت لحين الانتهاء من المسلسل، ومن ثم سأنطلق خلال جولة في دول إقليمية». وتابعت: «لا يعني العمل الإنساني أنه من الضروري أن تمنحني منظمة الأمم المتحدة لقباً، حيث أقوم به دائماً ولا أفضل الإعلان عنه، وهو عمل أمارسه رغبة في إرضاء إنسانيتي، وكون الاختيار جاء على أساس عمل الخير فهذا يعد ذكاءً من جانب المنظمة الدولية، لاستثمار نشاطات العمل الخيري التي أحبها في شكل حقيقي وليس رغبة في أن يقال إنني أقوم بها. فقد منحني الله كثيراً من نعمه وكرمني بكوني إنساناً كي أقدم على عمل الخير لبشر آخرين». وأضافت: «نحارب عبر المنظمة الدولية مرض الإيدز عبر نشر الوعي للوقاية من خطورته، ومساعدة المصابين، ومن المزمع أن أقوم بجولة في نحو 21 دولة للتوعية بغية تحجيم المرض في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لأن المرض يمكن أن يتحول إلى وباء إذا أهملناه».