خالد أحمد الطراح

 تناقضات السياسات الحكومية ليست ضمن التدقيق الحسابي، فلغة الأرقام لها حدود، لكن هذا المسلسل أصبح واقعاً كويتياً نتعايش معه يومياً!
نتذمر كشعب، ثم يتحرك بعض النواب في اتجاه التصعيد النيابي في المساءلة الدستورية استناداً لأجراس إنذار ديوان المحاسبة بشأن الهدر، الذي يتعرض له المال العام، لكن في المقابل مسلسل التجاوزات مستمر بلا نهاية!
نشفق على من؟ على السلطة الرابعة ممثلة بالصحافة، وتحديدا صحيفة القبس، التي لعبت دورا بارزا في كشف سرقات المال العام، وفي مقدمتها «سرقة العصر» في عام 1990، المعروفة بانهيار استثمارات الدولة في أسبانيا، والاستيلاء على أموال عامة من قبل أيدٍ كويتية قبل الأجنبية، وحتى اليوم لم تتوقف مؤامرات الاعتداء على المال العام باحتراف قانوني من متنفذين يقفون وراء سراق المال العام، من خلال زرع ثغرات قانونية في نصوص العقود الحكومية والاستثمارية من أجل غل يد السلطات الرقابية من ممارسة دورها، أم نشفق على أنفسنا مما وصل إليه الوضع العام من تعقيدات ليست من نسج الخيال، وإنما من واقع سياسي ومالي أصبح جزءاً من تاريخ الدولة!
«مجرد سؤال» طرحته القبس على صدر الصفحة الأولى في 8 ــ 5 ــ 20177، إلى جانب نشر خبر عن «طلب الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية، مقدم إلى المجلس البلدي، بتخصيص 27 كيلو مترا مربعا، لتوزيعها كقسائم لتربية الخيول»!
السؤال من سطور، لكنه يعكس تناقضا عميقا، وعدم جدية الحكومية في تحديد الأولويات، خصوصا في ظل «تحديات اقتصادية ومالية» ادعتها الحكومة في مطلع 2016، وانبثقت عنها وثيقة إصلاح يتم تنقيح طبعاتها إلى اليوم!
نص السؤال على «قسائم لتربية الخيول، هل هي بدعة جديدة لتوزيع المغانم، كما فعلوا بتوزيعات القسائم الزراعية السابقة المفعمة بالتنفيعات؟ سؤال برسم المتربصين بأملاك الدولة!».
سؤال القبس مرتبط بسلسلة تحقيقات وأخبار انفردت بها القبس منذ 20166، عن «شبهات تنفيع في الحيازات الزراعية وتورط مسؤولين فيها»، بناء على مستندات «بعضها مزور»، والبعض الآخر «يحمل تجاوزات في الشروط والعقود» وفقاً لديوان المحاسبة!
277 كيلو مترا مربعا للخيول من أملاك الدولة، فيما تواجه الدولة خللا في التخطيط السكاني، وهو أمر لا يحتاج إلى برهان، لكن هناك قوى متنفذة قادرة على قلب وجه الحقيقة وتشويهها!
مجرد سؤال إضافي: هل النهوض بخطط تربية الخيول أصبح أولوية تنموية؟ أو هو جزء أساسي من رؤية كويت جديدة 2035؟ وفي حال لم نقفز بالكويت في تربية الخيول، هل ستتراجع الكويت ضمن مؤشرات عالمية للخيول؟!
هل خطط «الخيول» باتت اليوم مصدرا في تمويل الخزانة العامة وسد عجز الميزانية؟
مجرد أسئلة لا تنتظر ردوداً، فقد اعتدنا طرح الأسئلة، والرد عليها أيضا نيابة عن الحكومة الرشيدة!
الإجابات لن تختلف عن باقي مصادر الهدر وغياب «الحكومة القدوة» في الإنفاق، وقدرنا كشعب أن نواجه هذا المصير المؤلم، بينما التفاؤل تركنا ذاهبا إلى أحضان الإدارة الحكومية!
يحق لهيئة الزراعة أن تتباهى بأولوية مساحات للخيول على أولويات السكن، فميزانية الهيئة تم اعتمادها، بالرغم من رفض لجنة الميزانيات، وهو عرس جديد لهيئة الزراعة، التي تقوم على سياسة شبيهة بوجبة السباغيتي الإيطالية!
يبدو أننا في مرحلة تدشين سنة السباغيتي رسميا!