حسين شبكشي 

على نفسه جنى نظام الانقلاب في قطر، وهو وحده الذي يحصد ما زرعته يداه. مع كتابة هذه السطور تكون الأخبار والتحليلات قد ملأت الأوراق والأثير عن أسباب وإجراءات قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية التي اتخذتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر ضد نظام الانقلاب في قطر، وهي إجراءات طال انتظارها بعد أن نفد الصبر السعودي على تصرفات نظام الانقلاب في قطر «الخبيثة والصبيانية». ولكن دعونا نلقِ نظرة أخرى على أبعاد جرائم قطر التي كانت تنفذ دوراً شيطانياً في المنطقة.
كانت قطر بعد الانقلاب الذي حصل فيها تظهر إعجابها الكبير بنظام حافظ الأسد وقدرته على تنفيذ أدوار مرسومة له من القوى الدولية وارتكابه لجرائم عظيمة بحق شعبه، وبحق جيرانه، ومع ذلك إفلاته من أي عقوبات دولية، بل وفي حماية تامة من النظام العالمي، وكان هذا هو «الملهم» للفكرة التي قادت إلى الدور الجديد لقطر في المنطقة والعداءات التي كانت تطلقها مع معظم دول المنطقة من السعودية ومصر والإمارات والبحرين والأردن والمغرب واليمن، وهي كلها خصومات جاءت قبل ما يسمى الربيع العربي بفترة كبيرة جداً.
وبدأ النفوذ القطري يزداد عبر منبره الإعلامي المثير للجدل «الجزيرة» وتعاونه مع المنظمة الإرهابية الإخوان المسلمين، وبدأت المكائد تحاك والمعارك تختلق، وتحولت قطر لمنصة إعلامية وسياسية لكل أحزاب المعارضة في الدول العربية، بالإضافة إلى تمويلها لحراك مريب في أكثر من موقع داخل البلاد العربية المختلفة، حتى وصلت إلى تأييد حركات سياسية بعينها تؤيد قلب أنظمة الحكم في هذه البلاد العربية.
وعندما جاء بشار الأسد بعد وفاة والده نجحت قطر في ضمه بالكامل تحت جناحها لتسحب منه الدور السوري القديم الذي كان يلعبه وتم تحييده بعد أن تم إغراؤه بالأموال والعروض التجارية التي يسيل لها اللعاب، له ولعائلة خاله محمد مخلوف عراب الاقتصاد السوري وقتها، والنتيجة أن قطر بدأت تلعب الدور السوري القديم. ومن باب التذكير والإشارة لقذارة الدور القطري، فمن الذي يستطيع أن ينسى عام 2005 وبعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، وبصمات اغتياله عليها الأصابع السورية كما كان معروفا، فإن المسؤول والأب الروحي لإعادة إحياء النظام السوري بعد هذه الواقعة الكبيرة كانت قطر وتحت إمرتها حركات الإخوان المسلمين، فقد سعت دوليا لإعادة النظام إلى قيد الحياة، وحركة الإخوان المسلمين أعلنت انسحابها المريب من الحوار والتعاون مع عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري الذي انضم إلى المعارضة السورية بعد أن كانا قد بدآ الحوار والاتفاق على إسقاط نظام الحكم الأسدي، وأعلنت الجماعة أن موقفها تغير تماما وأصبحت ضد إسقاط النظام؟!
وقطر كانت في سوريا منذ انطلاق الأحداث والثورة، والغطاء الحقيقي لكل عمليات التهجير الديموغرافي سواء نتاج صفقات مالية أو إعادة انسحابات عسكرية كانت نتيجة إخلاء مدن وقرى بأكملها لصالح قوى النظام، وعلى ما يبدو أن المظلة الإسرائيلية التي كانت تحمي نظام الانقلاب في قطر على إثارة الفتن في المنظومة الأمنية للدول العربية، قد انتهى دوره بموقف جماعي عربي قوي أمام قطر. قطر تدفع ثمن الفتن والدماء التي أسالتها، لا أعلم كيف ينام تميم وأبوه كل ليلة، ولكن من باع جيرانه وأشقاءه ليس بغريب أن يكون قد باع ضميره.. .