محمد السلمي

ما نريده من قطر أن تعود كما كانت قبل 1995، منسجمة مع محيطها الخليجي والعربي، لا تبحث عن بطولات وهمية

بداية، نكن كل الحب والتقدير للشعب القطري الشقيق، يحزننا ما يحزنهم ويسعدنا ما يسعدهم؛ هم أبناء عمومتنا، نشترك في النسب والتاريخ والأرض والمصير. لكن ليس من دواء سوى بتر جزء من الجسد حتى لا ينتشر المرض ويقضي على الجسد كافة.
نقولها بمرارة وبحرقة كبيرة، قلوبنا تعتصر ألما لما وصلنا إليه، ولكنها حالة نفاد الصبر وتعذر كل سبل العلاج، محاولات شتى باءت بالفشل، تلميحا أولا ثم تصريحا ثانيا... ولا حياة لمن تنادي.
إنه المقال الأول الذي أكتبه عن شأن خليجي صرف، ولست والله بسعيد بذلك، وربما تمنيت أن لا أفكر في كتابة مقال من هذا النوع، لكن شعرت أن قطر تحولت إلى نظام ولاية فقيه آخر، ملالي دون لحى، عنجهية ولا مبالاة دون قيود، سلمت أمرها لشخص يحمل جواز سفر إسرائيليا، شخص حاقد على الخليج وأهله، يكره قطر قبل غيرها، شعرت وأنا أرى مشروعاته وسيطرته على الثقافة والإعلام، وربما السوبرماركتات، أنه يحتل قطر وينفذ أجندة إعلامية وسياسية قذرة تجاه المحيط الخليجي، يهمز تارة ويلمز أخرى، يتذاكى ويعتقد بأنه ذكي، سيخدع الجميع دون أن يكشف أمره، ولكن هيهات هيهات، فمن يعتقد أن الآخر غبي فهو أغبى المخلوقات.
الشعب القطري الكريم، التاريخ يحملكم مسؤولية عظيمة سوف تسجل لكم أو عليكم، ستتوارثها الأجيال، والنظر يتجه إليكم في المقام الأول، كيف ستنقذون بلدكم وستوقفون طعن من يدير الأمور في بلدكم في ظهر أشقائكم في دول الخليج، عمقكم التاريخي والاستراتيجي والاجتماعي، لا تنظيم إخونجي، أو ولاية فقيه، أو خلايا إرهابية. نعم، مستقبلكم يستحيل أن يكون بمعزل عن محيطه وعمقه، الذي يخاف عليكم ويخشى خسران قطر تماما وإلى الأبد. والله وتالله وبالله، لن تنفعكم إيران، ولن تكون أقرب إليكم من أشقائكم في الخليج العربي، ولا أتخيل قطريا يتجه إلى طهران بحثا عن عز أو نصرة أو حتى استغاثة، لأنه يدرك خطورة ذلك الثعبان المسموم عليه وعلى بلده. نقولها صراحة، لا أطماع لنا في قطر سوى أن تكون عونا لا فرعونا، أن يوقف النظام خياناته لأمته بحثا عن شهرة أو لعب دور غير شريف في المنطقة. إن ما يجعل قطر كبيرة ليس مثل هذه الأفعال ولا قناة «الجزيرة» وميليشيات الإعلام، بل السير في السرب الخليجي العربي وعدم النشوز بتصرفات لا تليق بالشعب القطري ولا يمكن التهاون معها خليجيا وعربيا. هل تعلم أخي القطري معنى إغلاق المنافذ كافة، الجوية والبحرية والبرية، من الإمارات والسعودية والبحرين في وجه قطر؟ يعني أنك إذا أردت الذهاب إلى أي بقعة من الأرض فعليك أن تعاني الأمرين قبل وصولك إلى محطتك، وليس لديك أي منفذ إلا إلى الشرق، وهناك تتمركز الأفعى الإيرانية فاغرة فاها لتبتلعك، حقدا عليك وطمعا في أرضك وعرضك ومالك وثروات بلادك، لا تقول إن دول الخليج من جعلتني في هذا الموقف، الصحيح أن النظام السياسي في قطر هو الذي يجنح إلى الشرق أكثر من أي جهة أخرى.
إننا نعول كثيرا -وأرجو أن لا يخيب ظننا- على عقلاء قطر وحكمائها، على من يستطيع فهم عمق المشكلة، على من يريد مستقبلا أفضل لقطر وأهلها ولا يرغب أن ينقط التاريخ نقاطا سوداء كثيرة تتوارثها الأجيال، أن يبادر إلى اتخاذ ما يمكن اتخاذه لإعادة قطر الحبيبة إلى جادة الصواب ويصدح بالحق بعد أن رأى أن بلده تصل فيه الأمور إلى ما وصلت إليه. كل ما نريده من قطر أن تعود كما كانت قبل 1995، منسجمة مع محيطها الخليجي والعربي، لا تبحث عن بطولات وهمية، وأكبر من أن تغرس خنجرا مسموما في خاصرة أشقائها من الجنوب والشمال والغرب، ناهيك عن الدول العربية الأخرى التي وصل إليها العبث القطري.
نعم، ستفرح إيران كثيرا بما يجري بين الخليجيين، وستحاول كثيرا توسيع الهوة ولعب دور الشيطان، لا حبا في قطر أو غيرها، ولكن للرقص على جراح العرب، ستقول كثيرا عن بقية دول الخليج وستمجد قطر ونظامها السياسي، وستقول أيضا إن قطر سياسيا تتحدث الفارسية بطلاقة.
آخر العلاج الكي يا أهلنا في قطر، وتأكدوا أن هذه ليست سحابة عابرة، بل رسالة جادة ستستمر ما استمر النظام القطري في تصرفاته اللا مسؤولة. حمى الله الخليج وأهله من كل مكروه، والله من وراء القصد.